Pages

About me

31 Years old Egyptian Living in London since 2004 with my husband and my two daughters..Member editor for the Egyptian magazine (Kelmetna)since 1999.... Finally, I have my own space to share with my readers :) SIMPLE WORDS 4 EASY LIFE

Tuesday, January 12, 2010

للسعادة وجوه كثيرة.. (من واقع الحياة).. الحلقة الرابعة


سافرت إلى قدرى، سافرت جسد فقط ولكن روحى وقلبى تركتهم فى القاهرة.. تركت كل حياتى وذكرياتى مع من أحببتهم طوال حياتى.. وعشت معهم منذ نعومة أظافرى وحتى لحظة سفرى لندن..

كانت حالتى النفسية فى إنهيار تام.. لا أستطيع منع دموعى وهى تنهمر حزنا.. لم أستطع نسيان لحظة وداع أمى لى.. وهى أيضا لم تستطع منع دموعها.. كانت تودعنى وهى لا تعرف إذا كانت سترانى مرة أخرى أم لا.. كانت تودعنى فرحة بى بكونى أصبحت زوجة وفى القريب سأكون أما.. ولكن كأى أم تخاف على إبنتها التى طالما أخفتها تحت أجنحتها خوفا من حدوث مكروه لها.. ولكن الأن ليس بيديها غير الدعاء، الدعاء فقط فهى لن تستطيع منع أى مكروه عنى فلقد تباعدت بيننا البلاد والمسافات.. ولكنها أوصتنى أن أكون نعمة الزوجة، أوصتنى ألا افشى أسرار بيتى خارجه مهما كنت غاضبة، أوصتنى أن يكون هو كل شىء فى حياتى.. أوصتنى أن أخاف على بيتى وعائلتى الصغيرة وأن أكون على قدر المسئولية كما ربيانى والداى.. أوصتنى بالكثير والكثير قبل ذهابى إلى المطار.. ورفضت أن تذهب معى مكتفية بدعاءها لى من المنزل..

أما والدى فحاول أن يتجاهل دموعى بإنشغاله عنى بشنط السفر.. فقد كان وجهه مقتضبا يحاول جاهدا أن يخفى أى مشاعر تظهر عليه ولا حتى غصبا عنه..

أما أنا فكنت لا أشعر بنفسى.. كنت أشعر بالضيق من زوجى من قبل حتى ذهابى له.. فهو من بيده حرمنى من كل من أحب.. وبيده أخذنى إلى عالم جديد لا أعلم عنه شيئا.. حتى هو شخصيا لا أعرفة جيدا، فالمدة التى قضيناها سويا سواء فى فترة الخطبة أو الزواج لا تتعدى شهرين..

ولكنى سافرت لأواجه مع كتبته لى المقادير، فلابد أن أشرب الكأس كله بحلوه ومره.. وأنا من أخترت ولم يغصبنى أحد على إختيارى.. فلن ألوم غير نفسى..

بدأت حياتى الجديدة فى بلاد الضباب كلها حزن وحنين إلى الوطن.. كنت أخاف من كل شىء، أخاف من ذهابى إلى أى مكان بمفردى، أخاف من عبور الشارع بمفردى، أخاف حتى من وجودى فى المنزل بمفردى.. حتى أصدقائه لا أريد التعرف عليهم.. فكان هو من وجهة نظرى عدو وليس حبيب.. فهو من حرمنى من كل أصدقائى.. فكيف لى أن أحب أصدقائه وأصادقهم!!

حاولت التأقلم على حياتى على قدر المستطاع.. ولكنى لم أكون راضية بحملى.. فكنت مازلت الفتاة المدللة التى تريد أن تعيش بداية حياتها الزوجية دون أعباء أو مسئوليات.. كان هو يحاول أن يكون الأب والأخ والصديق قبل الزوج.. وبرغم إنه عاش ومر بكل ما أمر به من حزن وإحباط وشوق وحنين.. لكنه لم يستطيع مسح دموعى وأحزانى.. كنت أتصل بوالدتى يوميا باكية حزينة أشكو لها حالى وشوقى لها.. كانت تدعو لى وتحاول أن تشجعنى بكلماتها الحنونة لأصمد وأتحمل وكانت دائما تؤكد علي ألا أستسلم لأحزانى حتى لا يندم هو لإختياره لى كزوجة وشريكة حياته فى غربته..

توالت الشهور وإقترب موعد ولادتى.. وصادف وقتها تعب والده تعبا شديدا.. ووقع هو فى حيرة وكان ما بين نارين.. يا إما يكون معى ويكتفى بالدعاء لوالده الذى قد لا يراه مجددا ويندم على ذلك طوال حياته.. أو أن يتركنى وأنا فى بلد غريب بمفردى وقت ولادتى لا يعرف ما سوف أكون عليه وقتها ليسافر لرؤية والده ربما للمرة الأخيرة..

أعطانى الله الشجاعة الكافية حتى أخرجه من حيرته.. وأن أشجعه أن يتركنى مع صديقة لنا ويسافر هو ليرى والده.. مؤكدة له إنى على ما يرام ولا شىء يدعو لقلقه علي.. وبرغم إن ذلك كان ضد رغبة والدتى.. ولكنى كنت أحس براحة داخلية متأكدة إن الله معى ولن يخذلنى.. وفعلا ولدت فى ميعادى وكانت ولادة ميسرة بفضل من الله.. ولم يعرف هو بحالى غير وأنا فى غرفة العمليات.. طار وقتها على المطار وجاء ليحمل إبنته بين يديه فارحا بها.. إتصلت بى والدته تبارك لى برغم صعوبة الموقف التى هى عليه ما والده.. مؤكده إن الله يسر لى الولادة لما فعلته أنا معه.. وإن والده راضى عنه ولم يصدق إنه تركنى بمفردى لرؤيته.. بعدها بحوالى عشر أيام إنتقل والده إلى رحمة الله.. على قدر الحزن الذى كان هو عليه على قدر ما كان مرتاح البال إنه إستطاع أن يكون بجانبه محاولا إرضائه والتخفيف عنه قبل وفاته..

كان وجود إبنة لى أمر فى غاية الدهشة.. فأنا الفتاة التى تحب أن تأخذ قدر كبير من الدلع وكل طلباتها مجابة.. فكيف فى لحظة تؤخذ مني الأضواء وأكون أما وعلي أن أدلل وأحب هذه الطفلة.. وأن يكون كل شغلى الشاغل هو إسعادها.. كان الأمر فى غاية الصعوبة.. ومع قلة النوم وقلة الأوقات التى أعيش فيها لنفسى، بدأت عصبيتى فى تزايد.. خصوصا إن كل خبراتى مع إبنتى كانت خبرات شخصية وليس لأحد يدا فيها..

وبعد أن بلغت إبنتى ستة أشهر.. سفرت إلى مصر.. سفرت مشتاقة لكل ركن فيها.. وكانت مقابلة والدتى لى فى المطار بالدنيا وما فيها.. وفور وقوع عين إبنتى على جدتها إبتسمت لها وكأنها تعرفها.. قضيت أحلى الأيام وأسعدنى رؤية كل الناس.. وبرغم إنى أمضيت حوالى شهرين ولكنى شعرت إنهم لا يكفوا بعد غياب عاما كاملا، وبعد كل الأحداث التى مرت بى خلال هذا العام..

لكن لإن دائما الأوقات الحلوة تنتهى سريعا.. فقد كان علي أن أسافر.. ويوم سفرى كان إعادة لكل ما حدث العام السابق.. فودعتنى والدتى بدموعها وأصدقائى بحزنهم بعد أن تعودوا على وجودى معهم مرة أخرى.. ليس أنا فقط ولكن إبنتى أيضا.. فقد أحبها الجميع.. وكانوا يتمنوا أن يروها تكبر أمام أعينهم وبين أيديهم.. ولكنى سافرت مرة أخرى لأعود إلى حياتى التى نوعا ما توعدت عليها.. ولكنى لم أجد السعادة فيها.. ولم أحاول البحث عن السعادة فقد رضيت بنصيبى ولم أحاول تغييره وكأنه أمر واقع غير قابل للتغيير..

مع الوقت إعتدت على أصدقاء زوجى وأحببتهم وشعرت إنى كنت خاطئة لإنى لم أعطيهم الفرصة منذ البداية وجودى وسطهم.. إعتدت رؤيتهم كثيرا لنتبادل الخبرات والضحكات.. وكانت إبنتى أول طفلة فى – شلتنا- فكانت محور إهتمام الجميع..

مرت الأيام والشهور والسنين.. و ما أن أكملت إبنتى عاما ونصف حملت مرة أخرى.. ولكن هذه المرة كنت فرحة بحملى.. فأنا من خططت له ولم يكن مفاجأة لى.. وكنت سعيدة بمراحل الحمل وكأنها أول مرة لى.. ومع إقتراب موعد ولادتى يزيد تعلق إبنتى بى وغيرتها علي وحبها في.. وكأنها تعلم إن كلها أيام وسيكون لها شريك في.. ولن تكون هى محور إهتمامى الوحيد.. وقبل ولادتى بقليل كانت كل عائلتى بجانبى.. فقد جاء والدى ووالدتى وأخى ووالدة زوجى لحضور لحظة الولادة.. وكنت أتعجب من حال الدنيا.. ففى المرة الأولى كنت بمفردى دون حتى وجوده هو بجانبى.. أيقنت وقتها إنه لا شىء يبقى على حاله مهما طال الزمن..

جاءت طفلتى الثانية وكانت أكثر حظا من أختها.. فالكل ملهوف عليها والكل يدلل فيها، والأهم إن كان أصبح عندى الخبرة الكافية فى التعامل مع الأطفال..

وبعد أن أنفض الناس من حولى وعاد كل شخص إلى مكانه وبلده.. وبعد أن قضيت معهم أحلى الأوقات.. لكن كنت تعودت إن مهما طالت الأوقات الحلوة.. فإنها حتما تنتهى.. فلم أحزن هذه المرة على فراقهم.. فقد إعتدت على اللقاء والفراق.. وقد عاتبنى بعض الأصدقاء يوما إنى أصبحت عملية أكثر منى عاطفية.. ولكنى بكل هدوء بررت ذلك إن من إعتاد على فراق كل من يحب ومن أحب الحياة بجانبه.. ومن ينتظر فى أى لحظة مكالمة هاتفيه تبلغه إن شخصا ما سواء قريب منه أو بعيد قد فارق الحياة.. من الطبيعى جدا ومن المنطقى جدا أن يكون عمليا ذو قلب صلب نوعا ما.. يستطيع به تحمل الصعوبات والأخبار التى قد تمر فى حياته فجأة وبدون مقدمات..

ومع وجود طفلتان فى حياتى كثرت مسئولياتى وكثرت عصبيتى.. وتاه شعور الرضا فى قلبى.. فمهما حاول زوجى جاهدا إسعادى .. كنت أقابل ذلك بنفور وإستهزاء ولا أجد أى سعادة معه أو فيما يحاول عمله من أجلى .. فازادت الخلافات بيننا بسبب أو من غير.. كنت أجد راحة بالى عند خروجى بمفردى تاركة الطفلتان معه فى المنزل.. كنت أجد حريتى ولو للحظات عندما أكون ملكا لنفسى.. أحاول واهمة تخيل نفسى دون أعباء أو مسئوليات.. نصحانى والداى بألا أهدم بيتى وسعادتى بيدى.. مؤكدين إننى فى نعمة أحسد عليها.. وإن زوجى خير زوج..وإن النعمة ستزول حتما إذا لم أحافظ عليها.. ولكنى لم أعطى كلامهم أهمية وضربت بكلام كل من نصحنى عرض الحائط.. وإستمرت حياتى هكذا لأكثر من عام ونصف.. وزاد تمردى وسخطى على حياتى، خلعت الدبلة من يدى واهمة نفسى إن بخلعها أرجع إلى حياة العزوبية.. فقد ندمت أشد الندم على زواجى وشعرت إننى لا أصلح أن أكون زوجة أو أما ناجحة.. ولكن جاء ندمى بعد فوات الأوان.. فلن يغير ذلك فى الأمر شيئا.. ولن يرجع بى الحال لأكون الفتاة المدللة، فحتى المعجزات السماوية لن تستطيع تحقيق ذلك..

وكنت من داخلى أعلم تماما إن العيب ليس فيه هو.. وإنه يحاول بشتى الطرق إرضائى ولكن المشكلة معى.. فأنا من تمردت على حياتى.. أصبحت لا أرى غير الجزء الفارغ من الكوب.. ومع ذلك كنت أشعر بالذنب تجاهه.. وقد وصل بى الحال ومع إحساسى المتزايد بالذنب إنى طلبت منه أن يتزوج مرة أخرى لعل يكون حظه موفق هذه المرة.. ولكنه رفض وحزن من كلامى، أحس إن حياته تنقلب رأسا على عقب.. فمن أحبها وأختارها زوجة له، لم تكن تبادله يوما نفس الشعور.. ورجع بذاكرته لبداية زواجنا، إكتشف إنه لم يسمع منى أبدا كلمة حب، برغم إنى إعتدت سماعها منه حتى مللت.. إكتشف إنه لم يشعر بحنيتى معه يوما حتى إذا كان مريضا أو مهموما.. إكتشف إنه كان هو من يبادر دائما وأبدا بالمشاعر والكلمات والأفعال.. ولكنى كنت دائما أقابل كل هذا بلا مبالاه وفطور فى العاطفة.. يالها من إكتشافات إكتشفها بعد سنين من زواجنا وبعد أن أصبح لدينا طفلتان جميلتان.. ياله من كابوس كنت أدعو الله أن أستيقظ منه بأى طريقة سواء إيجابية أو سلبية.. ياله من موقف لم أحلم يوما أن أعيشه.. ولكنى لا أحلم الأن فأنا على أرض الواقع.. وعلى أن أختار.. يا إما استمر فى حياتى جسد دون روح من أجل البنات.. يا إما أتمرد على كل الأوضاع وأطلب حريتى..

ولكنى لا، لا أستطيع التحمل يكفينى عاما ونصف فى مشاكل جمة لا أول لها من أخر.. فقد تعودت أن أكون بوجهان، أمام الناس سعيدة والإبتسامة لا تفارق وجهى. وفى البيت تائهة، حزينة، عصبية أطيح بكل من يأتى فى طريقى.. فطلبت الطلاق.. نعم الطلاق، دون التفكير فيما سيترتب عليه هذا القرار.. فهل سيوافق؟؟ هل هذا فعلا ما أتمناه؟؟ هل سأشعر وقتها بالرضا والسعادة؟؟

*************************************

كان بداخلي أمل كبير في إنني سأجد من أتمناه مهما حدث.. ورغم إنني قررت أن أنتظره في بيتي.. ورغم المواقف الصعبة التي وضعت فيها.. ومع كل إحساس بالإهانة.. كان بداخلي دائماً يقين بإنني سأجده وإن الشخص المناسب سيأتي قريباً.. وبالفعل قالت لي أمي ذات يوم إن هناك عريساً جديداً يريد التقدم.. كالعادة لم أتحمس وكنت أحاول الهروب.. ولكن عندما عرفت من هو تحمست كثيرا لإنني كنت أعرفه.. كان أخو صديقة أمي في العمل.. وكانت أمي تعشق تلك الفتاة ولذلك تحمست هي جداً وفرحت عندما قالت لها صديقتها إنها تتمنى أن أكون زوجة أخيها.. لا أعرف لماذا لم أشعر بإنه ضيف في تلك المرة رغم إني سأراه لأول مرة.. فقد رأيته من قبل ولكني لم أتحدث معه أبداً وكانت تلك هي المرة الأولى التي أتحدث معه فيها.. جاء وجلسنا سوياً نتحدث.. وقتها لم أشعر بالدنيا من السعادة فهذا هو من حلمت به وتمنيته.. مر الوقت وكأنه ثواني معدودة وشعرت بعدها بالسعادة الشديدة وتمنيت من داخل قلبي أن يكون هو من أكمل معه حياتي.. وإنتظرت الرد منه.. كنت أحاول إخفاء فرحتي وسعادتي وحاولت إقناع كل من حولي إنني لا أهتم بالموضوع إذا حدث أم لا.. ولكن ما كان بداخلي كان عكس ذلك تماماً فقد كنت أدعو الله أن يوفقني ولم أتوقف عن التفكير فيه ولو للحظة..

تمت الأحداث سريعة وتمت الخطبة.. ولن أستطيع أبداً أن أصف كم المشاعر التي شعرت بها في ذلك اليوم.. فاليوم أكون ملكاً له وأضع في إصبعي هذا الخاتم الذي يحمل إسمه ليكون معي طوال حياتي.. شعرت بالخوف بمجرد تذكري ما مضى من حياتي.. وإنه قد يختفي من حياتي فجأة ويجرحني مرة أخرى.. ولكني سرعان ما رجعت عن تفكيري لأشعر بالسعادة فهذا يومي..

أخيراً بدأت أشعر بالسعادة التي طالما إنتظرتها.. نعم كنت سعيدة إلى درجة لن يتصورها إنسان.. كنت أفهم نظرات عينيه وأفعل ما يحبه دون أن يطلبه مني.. كنت أشعر بالسعادة الشديدة لمجرد التفكير فيه.. كنت أنتظر سماع صوته بفارغ الصبر وكأنني أنتظر الجنة.. كان شاغلي الأول والأخير.. لم يترك تفكيري لحظة.. كنا نهم ونهتم لإنهاء الزواج سريعاً وفي وقت قصير حتى لا تطول فترة الخطوبة.. كنت أنتظر اليوم الذي يأتي ليزورنا فيه بفارغ الصبر.. أعيش على ذكرى المقابلة وأنتظر مجيئه مرة أخرى.

بالتأكيد كان هناك عيوباً كأي إنسان آخر ولكني لم أهتم بها كثيراً.. تأقلمت عليها.. كان كل إهتمامي به.. كنت كل ما أتمناه هو إسعاده.. ورغم إننا مررنا بمشاكل كثيرة إلا إنها لم تكن بسبب أياً منا ولكنها كانت دائماً بسبب الأهل والذي لم يكن في إستطاعتي التحكم في الكثير من المشاكل والقرارات فأنا في النهاية بنت ومازلت تحت سيطرة وحكم والدي.

ورغم ذلك كنا في سعادة بالغة في البداية.. أحببته جداً حتى إنني لا أعرف كيف أكتب وأعبر عما كان بداخلي.. وماذا أكتب..هل أكتب عن حبه لي؟ ماذا أقول؟ هل يكفي أن أقول إني كنت أشعر بحبه حتى وإن لم يكن معي بجانبي؟ نعم، حتى ولو ظل الكثير من الوقت دون أن نتحدث أشعر بحبه يأتيني، فيا لجمال الحب الذي كنت أشعر به عندما نتحدث، نبرات صوته الحنونة تأتي بأحلى كلمات الحب والغرام.. كلمات لم أسمع في جمالها من قبل، ليست فقط هي الكلمات ولكن شعوره بها الذي يأتيني، صدق الكلمات التي يقولها.

كم شعرت معه بالأمان والطمأنينة.. وإن المستقبل السعيد الجميل آت معه.. كان يكفيني فقط أن أرى رقمه على هاتفي المحمول حتى يدق قلبي وأشعر بتلك القشعريرة تسري في جسدي.. كان هو حمايتي حتى إنني كنت أمشي في الشوارع وكلي ثقة إن لا مكروه أبداً قد يحدث لي لإنه معي.. وعندما كان يذهب خارج القاهرة في عمل مكلف به كنت أشعر بالوحدة والخوف لإنه ليس قريباً مني.. كان لا يغفل لي جفن ولا أنام حتى أتأكد إنه ينام ويرتاح.. لم أشعر بالراحة إلا عندما كان هو يشعر بها.. كانت كل مشاعره وأحاسيسه تصل لي وأشعر بها دون أن يتحدث.

ليس فقط الشعور بالأمان، ولكنه أيضاً الشعور بالسعادة التي لا أشعر بها مع أحد غيره ولم أشعر بها من قبل.. قداماي كانت لا تلامس الأرض.. كنت أنسى كل الناس وكل من حولي ولا أرى غيره هو.. لا أشعر إلا به.. لا أسمع إلا كلامه.. كنت أنظر في عينيه لأجد بها حبا كبيرا وكأنها تحتضنني.. كثيراً ما كنت أجلس بجانبه أنظر له ولا أعرف ماذا أقول..، حتى لو لم تتقابل أعيننا.. أنظر إليه لأجد تلك الابتسامة التي تعبر عن سعادته وأنا بجانبه.. كنت أنظر إليه ولا أجد الكلمات المناسبة لتعبر عن حبي له ولسعادتي التي شعرت بها والتي تمنيتها طوال عمري.

كنت أجلس وحدي وأتخيل حياتي معه.. أتخيل مستقبلنا معاً.. أتخيل عندما أصحو من نومي في الصباح وأجده بجانبي.. أستيقظ في هدوء حتى لا أزعجه.. أحضر له إفطاراً ليأخذه معه وأحضر له كوب النسكافيه الذي يحبه ليشربه وهو في طريقه للعمل.. أذهب لعملي ويأتي موعد إستيقاظه فأتصل به ليصحو ويذهب لعمله كما تعودنا في أيام خطبتنا.. ينتهي يومي العملي وأذهب سريعاً للبيت.. أنتظر شوقاً وقوفي في المطبخ كأي إمرأة تقوم بتحضير ما يحبه زوجها من طعام وتنظف بيتها ليأتي حبيبها ليجده مريح وجميل.. وتستعد هي نفسها ليأتي من يملكها ويملك حياتها ليراها في أجمل صورها.. ويأتي حبيبي وأذهب إليه مسرعة بمجرد سماعي لصوت مفتاحه في باب المنزل.. أسرع إليه سعيدة بقدومه فأنا أنتظره منذ وقت طويل.. نأكل سوياً ثم نجلس.. أجلس معه.. أجلس وهو بجانبي.. أشعر بقربه الشديد.. نتحدث ونحكي أحداث اليوم.. نتناقش ونضحك.. أفعل كل ما في وسعي لأسعده وأريحه وهو يفعل كل ما في وسعه ليسعدني ويفعل ما أريد.. إلى أن يأتي موعد نومنا ونذهب سوياً إلى حجرتنا.. سأنام بجانبه.. يحميني.. أغطيه لو شعرت أنا بالبرد.. وأخفف عنه لو شعرت بالحر.. يا إلهي كم أنتظرت هذا اليوم الذي نكون فيه معاً وحدنا في منزلنا.. كم كنت أحلم بيوم زفافنا وأنا بين يديه.. والناس تبارك لنا حبنا وأذهب معه لنستقل بحياتنا سوياً ونبني هذا البيت معاً.

ورغم كل المصاعب التي كنا نمر بها إلا أننا دائماً كنت حريصين على أن نقوم بكل شيء في الشقة سوياً.. إخترنا سوياً كل شيء.. وقمنا بتجهيز كل شيء.. كم كانت سعادتي عندما كنا نتحدث عما نريد أن نفعله في الشقة من ديكور.. كم كانت سعادتي ونحن ذاهبان لنشتري أي شيء.. الأجهزة، السيراميك، كل شيء.. كم كانت سعادتي عندما كنا نذهب لنتابع العمل في الشقة ونرى ما فعله العمال.. قمنا بتجهيز كل شيء سوياً.. واشتريت أنا كل الأشياء.. كنت أهتم بأدق التفاصيل في الشقة حتى يراها جميلة ويشتاق لبيته بعد عناء يوم طويل.. كنت أهتم بعلاقتنا حتى لا يشعر بالملل.

نسيت كل آلامي السابقة.. نسيت كل الجروح ولم أتذكر في حياتي إلا شيء واحد.. سعادتي معه وحبي له وحبه لي فقط.. أحسست إن قلبي قد شفي تماماً من كل الجروح.. سامحت كل من جرحني وكل من ظلمني.. رأيت الدنيا كلها بلون آخر.. نعم، فدائماً ما أقول إن سعادتي ستكون في الحب.. وقد وجدت الحب وبالتالي فلقد وجدت السعادة التي أتمناها..

ولكن بدأ كل شيء يتغير ببطء.. فلقد أحسست إن حماسه لإتمام الزواج قد قل كثيراً عما مضى.. وبدأ إحساسي بعدم إهتمامه بي كالمعتاد.. ولكني التمست له الأعذار فقد كان مشغولاً دائماً.. وقفت بجانبه في كل محناته وأوقاته الذي إحتاجني فيها.. كنت له نعم الخطيبة بل نعمة الزوجة التي كان يتمناها ويتخيلها.. لا أقول هذا لإني أتحدث عن نفسي ولكن هذا كان كلامه لي دائماً.

عاما ونصف مروا عليا كانوا أفضل ما فى حياتي.. حتى إنني لم أشعر بهم.. شعرت إنها مجرد أيام فقط.. عام ونصف مليئة بالحب والمشاعر الجميلة ورغم المشاكل التي مررت بها إلا إنني كنت سعيدة لمجرد وجودنا معاً.. إنتهيت من تحضير كل أشيائي وكنت مستعدة للزواج.

ولكن فجأة وقبل موعد زواجنا بشهرين تصاعدت المشاكل.. أحسست فجأة إنه يبتعد عني وتبتعد مشاعره الجميلة.. أحسست فجأة بعدم الأمان معه وأحسست إنه قد يتركني في أي لحظة ولا أعرف السبب.. أحسست فجأة بإني لم أعد أشعر به.. وزادت المشاكل وياليتني كنت السبب فيها.. فكنت أفعل له كل ما يطلبه مني ولكنه كان دائماً متحكماً ورافضاً لأشياء طبيعية عند أي فتاة.. حتى إنه كان يرفض تدخل أبي في إنهاء الزواج وبدأ في ترديد كلمة "أتجوز وقت ما أنا عايز ماحدش يجبرني أتجوز إمتى" هل يعقل هذا الكلام؟؟

تحملت الكثير منه حتى إنني كنت أتحمل ما لا تستطيع أي فتاة أن تتحمله.. قالوا لي كثيراً لماذا تتحملين كل هذا وكيف تتحملينه؟ ولكن دائماً ما كنت أجيب بإني أحبه ومستعدة أن أتحمل أي شيء من أجله.. لا أنكر إنني بداخلي كنت أشعر بالغضب وأحياناً كثيرة كنت أشعر بالحزن الشديد منه.. ولكني كنت أقنع نفسي وأقنع من حولي إنني أعذره دائماً وأعرف إن هذه ليست خصاله الطبيعية.

تحملت الكثير من أجله لحبي الشديد له.. ولكن فجأة كل هذه السعادة بدأت تزول.. وتصاعدت المشاكل.. وبدأت أشعر إن كل ما يحدث ما هو إلا عبارة عن "تلكيكة" لإنه لا يريد الزواج مني.. وبالفعل مع تصاعد المشاكل الغير منطقية.. حدث ما كنت أخشاه.. ما لا تتمناه أي فتاة.. وفسخت الخطبة.

لم أستطع تحمل الصدمة.. كان بداخلي شيء يقول لي إنى فى كابوس وإنه سيتصل بي حتما لنعود.. كنت رافضة للأمر الواقع.. هل هناك من كلمات من الممكن أن تعبر عما بداخلي؟ لا أظن.

لماذا؟ لماذا أنا؟ لماذا جرحت وأنا لم أفعل له أي شيء قد أستحق عليه هذا؟ حتى ولو كانت كل مشاكله مع أهلي.. ما ذنبي أنا؟ لماذا يتركني؟ ماذا فعلت له؟ سألته لماذا.. كانت إجابته إنه لا يريد أن يعيش في حياة مليئة بالمشاكل وإنه غير مستعد الآن للزواج وإنه يريد أن يعيش حياته ويشعر إنه أفضل حالا دون ارتباطات أو التزامات.

يا الهي.. ولماذا بدأ الخطبة منذ البداية؟ هل كان يتوقع أن تتم كل الأمور بكل هدوء كما يريده هو وبدون مشاكل؟ لماذا لا يريد أن يتنازل في مقابل أن نكون سوياً على الرغم من تنازلات كثيرة حدثت من عائلتي له؟ ماذا أفعل؟ لماذا تركني؟ جميع من حولي كان لهم رأي واحد فقط.. إنه أحب فتاة أخرى.. هل يمكن هذا؟ وإذا كان صحيحاً فلماذا؟ لماذا وأنا لم أقصر معه يوماً؟ لماذا وقد أعطيته كل ما عندي من حب ومشاعر ومعاملة طيبة بشهادته هو؟ هل تكفيني كلماته الجميلة عندما قال لي "أنا لا أعترض عليكي إنتي فتاة تستحقين من هو أحسن مني".. هل تشفي غليلي وتبرد ناري التي تحرق قلبي؟ ماذا أفعل بالكلمات عندما لا تصاحبها أفعال؟

مرة أخرى جرحت.. ولكن تلك المرة لم تكن كأي مرة.. فلقد شعرت بالخيانة والغدر.. كسر قلبي وشعرت بطعنة شديدة قوية لا أستطيع تحملها.. إبتعدت عن الناس والأصدقاء.. لم أعد أهتم بنفسي ولا بحياتي حتى إنني تمنيت الموت.

لم أتمناها لإنه ليس معي.. ولكني لا أريد الحياة لإنها مليئة بالجروح.. فلقد تحملت الكثير ولم أعد أستطيع التحمل أكثر من ذلك.. فقدت الثقة في الحب وفي كل الناس.. لماذا يكذب عليا كل من عرفتهم؟ لقد تمنيته فعلاً وتمنيت أن أعيش معه.. فعلت كل شيء من أجله ومن أجل إتمام الزواج.. ولكن ماذا فعل هو من أجلى؟

أحمد ربي على قضاءه وقدره ولكني رافضة لهذه الحياة التي أعيشها.. تعبت من الجروح والألام وكل تلك الدموع.. وكانت أقوى الجروح هو هذا الجرح الأخير.. هل سأنسى؟ أنسى الحب نعم، ولكني أبداً ما أنسى هذا الجرح.. لا أستطيع أن أسامحه.. لن أسامحه على ما فعله.. ويوماً ما سيشعر بما شعرت به من وجع وألم وجرح.

والآن ماذا أفعل في المستقبل؟ كيف سيكون؟ كيف أفكر في الحب مرة أخرى؟ كيف أثق في الحب مرة أخرى وكل تجاربي معه كانت جروح وصدمات؟ سأظل دائماً في نظر الناس الفتاة التي كانت مخطوبة ولها ماضيها.. أنا التي حافظت طوال عمري على ألا أفعل شيئاً أندم عليه يوماً ما أو أن أخجل منه.. الآن أنا فتاة ذات ماضي.. والكل يتساءل ماذا حدث؟ كيف سأواجه العالم؟ كيف سأواجه الحياة؟

سلبت مني كل السعادة التي شعرت بها وكأنني لم يكتب لي أن أشعر بالسعادة طوال عمري.. كلما تمنيتها عشت في حلمها لفترة ثم تؤخذ مني بدون أي حق حتى إنني ما أكاد أشعر بها حتى تذهب مني..

والآن أتسائل.. أين السعادة؟ ما هي السعادة؟ هل هناك ما يسمى بالسعادة أصلا؟ فقدت هذا الإحساس وفقدت معه بحثي عنها.. والآن لا أعرف.. ماذا يخبئ لي المستقبل؟ هل مقدر لي أن أرى السعادة الأبدية يوماً ما؟؟

ولسه للحكاية بقية

رحاب المليحي

هاجر عماد

8 comments:

Anonymous said...

كالعاده ، ومثل الحلقات الثلاثه السابقه ، تصوير جميل ووصف شيق للاحداث ، واهتمام بالتفاصيل النفسيه الداخليه الدقيقه ، حتى نشعر اننا امام قصه من الحياه ، تروى لنا باسلوب الفلاش باك. فعلا هى جلسة امتاع فكرى لى ، فشكرا جزيلا لكما على هذا المجهود والعمل الرائع
أحمد الشيخ

Anonymous said...

أنا عيطت هنا بجد
هبة نظمى

Amy said...

I cried too for both stories this time too... Hagar ana ma3aki be2albi wallahi, wenshaAllah everything's going to be the way u imagined it talama betra3i Allah

Anonymous said...

Walaa Elmeligy
elfodol haymawtny 3shan a3rf elba2y bgd

Anonymous said...

Mabsota begad ,nice words&nice feelings ,7alw 2awy ,ithink that u can make stories &sell it ,it will be good jop ;) yallah kamloh well done ya banat
Aya

Anonymous said...

Somaia Ibarhim
رووووووووووووووووووووووووعة

Anonymous said...

"واضح من اللى بنقراه ان هاجر مش بتتعلم وبتكرر نفس الاخطاء .. اما رحاب فهي عايزة تكمل التجربة لآخرها دايما .. او خلينا نقول بتدخل فى التجربة لحد ما يبقى مافيش مجال غير انها تكمل سواءا كان بمزاجها او مش بمزاجها .. خلينا نشوف فى اخر حلقة ايه اللى هيحصل"
أحمد مختار

Anonymous said...

رحاب انت بتكتبى تجربتى بالظبط انت هاجر غششتك ولا ايه انا برضه ولدت بنتى الولى لوحدى وقبلها بيوم حماتى توفت اما التانيه ولدتها وسط اهلى كلهم ونزلت ببنتى الاولى وهى عندها 6 شهور وبرضه كانت عارفه انهم اهلها ........على فكره الغربه واحده حتى لو اختلفت الاماكن والظروف بس الفرق اللى بينا انى لسه متأقلمتش حتى بعد مرور 3 سنين
على فكره انا لما كملت قرأه اقسم بالله ان كل المشاعر ديه انا حاسه بيها وقلعت الدبله برضه وعارفه من جوايا انه بيحبنى وانا بموت فيه بس الحياه نفسها انا مش راضيه عنها تماما انا بدأت احس انك عايشه معانا يا رحاب او فيه كاميرات مراقبه :):)
ميار