وطوال الأسبوع حاول جاهدا معرفة عدد الأشخاص الذاهبين معه إلى (الفيوم).. ولكنه فشل لأنه دائما وأبدا ظروف الناس تتغير فى لمح البصر.. وحتى يوم (الجمعة) لم نستطع حصر العدد كاملا.. ولا حتى تحديد الأشياء التى يجب علينا إحضارها معنا فى الرحلة.. حتى اتصل بنا (احمد شحاتة) من هاتفه المحمول وقام بعمل (كونفرس) بين حوالى 5 اشخاص .. فى محاولة منه لحصر الأشياء التى يجب أن تتوفر فى الرحلة وتوزيع شراءها على الناس.. ولكن حتى نهاية المكالمة التى امتدت حوالى نصف ساعة كاملة لم نستطع حصر كل شىء.. بالإضافة إلى اننا لا نمتلك (شواية) حتى هذه اللحظة..
اتفقنا ان نتقابل يوم السبت الساعة الثامنة والنصف صباحا فى ميدان الرماية.. على أن يلحق بنا (احمد صلاح ومى) الساعة الثانية ظهرا فى الفيوم..
وكان علي أن أوصل البنات الحضانة فى الثامنة صباحا على أن يأخذهم والدى فى السادسة مساءا.. وقد قمت فعلا بذلك فى الميعاد..
ولكن لأننا مصريين فدائما تتغير الخطط فى ثوانى.. فاتصل بى (شحاتة) شارحا لى أنه قد حدثت فى الأمور أمور.. واعتذر زميل لنا.. فأصبحت السيارات القادمة أقل من عدد الأشخاص فعليه أن يرتب ذلك قبل المجىء إلي..
واتصلت (بإيناس) حسب اتفاقى معها لإيقظها من النوم.. فقالت لى إنها ستتأخر حتى تنتهى (يُمنى) من عمل السلطات.. واتصلت بى (منى) قائلة إنها يجب أن تذهب لبعض الأماكن أولا وإنها ستلحق بنا على طريق الفيوم مع (شادى) خطيبها..فأدركت إننا لن نبدأ الرحلة قبل العاشرة صباحا على الأقل بعد كل هذه التغييرات الجذرية فى الخطة..
وقبل أن أفقد الأمل مر على (ابو باشا، داليا، ولاء) منتظرين جميعا مجىء (شحاتة).. ولكن (شحاتة) كانت عنده خطط آخرى.. فقد نسى أن يشترى الكفتة التى صمم أن لا يأتى بها أحد غيره فى مكالمة الجمعة.. ثم ذهب لشراء الخبز برغم اننا حاولنا إقناعه أن يشتريه يوم الجمعة ولكنه رفض.. ثم ذهب ليأتى (بسامح) أحد أصدقائه من (الزيتون).. ثم أخيرا ذهب (لوائل) ليأتى به من منزله أيضا فى مدينة نصر..
فى هذه الأثناء كنا يأسنا من الوقوف أمام منزلى فى انتظار أى جديد.. وحاولت كثيرا الاتصال (بإيناس) ولكن دون جدوى.. فأيقنا تماما إن (احمد على) شجعها على النوم مجددا بحجة إن (يمنى) مازلت تُحضر السلطات..
وأخيرا نجحت فى إيقاظها الساعة العاشرة برغم إن ميعادها مع (يُمنى) التاسعة والنصف.. فى هذا الوقت كانت (أميرة) وصلت إلى الهرم بعد أن قال لها (أبو باشا) أن تتأخر عن ميعادها.. ولكن فوجئت إننا مازلنا فى مصر الجديدة ولا نعلم متى سنذهب إليها.. وتركنها لمصيرها دون أن نتصل بها مجددا لعدم وجود ما نقوله لها..
وقررنا أن نغير المكان بعد أن بدأ الإحباط يتسلل إلينا.. بعد أن تعدت عقارب الساعة العاشرة والنصف صباحا ونحن مازلنا أمام بيتى.. فذهبنا إلى (نادى السكة) ثم جاء (شحاتة) اخيرا ثم لحق بنا (إسلام).. وبدأنا التحرك إلى (الهرم) لنرى مصير (أميرة).. وصلنا إلى الهرم فى الساعة الحادية عشر والنصف وتأخرت علينا (أميرة) حوالى نصف ساعة.. وكانت بالطبع فى قمة الضيق لانتظارها كل هذا الوقت.. والحمدلله إن عمتها تسكن فى الهرم فقد أنقذتها من الانتظار ساعتين فى الشارع..
وبدلا من أن يعتذر لها (شحاتة) عن التأخير عاتبها لأننا انتظرناها نصف ساعة.. برغم إنه هو لم يشعر بالوقت لإنه شغل وقت فراغه بأكل فول وطعمية من فلفلة.. ولكن لا مانع من بعض الغلاسة على (أميرة) حتى لا تذهب ابدا فى ميعادها خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بشلة الأى تى أى..
وبدأنا أخيرا الطريق بعد آذان الظهر.. وبعد أن كانت (منى) ستتأخر وتلحق بنا فى منتصف الطريق.. كانت هى أول من بدأ الطريق.. أما (شحاتة) و(ولاء) فكان من المفروض أن يمشوا وراء بعضهم البعض.. وعلى هذا الأساس انتظرنا (شحاتة) أربع ساعات.. ولكن دائما يحدث كل ما هو غير متوقع.. فقد ضعنا من بعض من بداية الطريق.. وعندما اتصلنا بهم اكتشفنا أننا سبقناهم بمسافة طويلة.. فلا مفر أن نمشى بمفردنا طوال الطريق.. وكل اعتمادنا على اللافتات التى نجدها فى الطريق.. وبرغم تأكدنا من أننا على الطريق الصحيح وبرغم إنه طريق واحد مستقيم إلى الفيوم.. إلا إن (ولاء) قررت تتأكد بطريقتها.. فعندما وصلنا إلى البوابات واثناء دفعها الخمس جنيهات قيمة كارتة دخول السيارة.. قالت للموظف العامل على الشباك: (إلا هو إحنا فين دلوقتى؟؟).. من قوة السؤال على الموظف لم يستطيع الرد لحوالى دقيقتين واكتفى بابتسامة بلهاء غير مُصدق لما سمعهُ.. وعندما قرر الرد كانت قد تحركت بالسيارة من امامه.. فقلت لها وانا لا استطيع التوقف عن الضحك: (ما هو يا هيقول علينا ضاربين يا شاربين)
واستكلمنا الطريق إلى الكيلو 30 ثم توقفنا حتى لحق بنا (شحاتة) واستكملنا الطريق سويا.. وكانت (منى وشادى) ينتظراننا امام بحيرة قارون..
واتجهنا جميعا إلى قرية (زاد المسافر). وقد تخيلت إن معنى زاد المسافر هو الزاد والزواد.. ولكنى اكتشفت انها القرية التى حجز لنا فيها (ابو باشا)..
وصلنا حوالى الساعة الثانية ظهرا.. كانت القرية بدائية جدا وصغيرة.. ففى ركن الجلوس كان مكتوباً (القعدة).. وفى نهاية ركن صغير كان مكتوبا عليه (الضُليلة).. والحمامات التى خارج الشاليه ليس بها أى أنوار.. أما ما يقال عنه شاليه.. فقد كان يحتوى على سريرين وناموسيتين ومكان لوضع الملابس ... ( وكله على البلاط )
ولأن الوقت قد تأخر فقد ألغينا فكرة الشواء وطلبنا من عامل فى القرية أن يقوم بهذه المهمة بدلا عنا.. واستقلينا السيارات مجددا للذهاب إلى شمال البحيرة لتسلق الجبال.. وكانت المناظر الطبيعية خلابة فعلا.. وقد كانت هذه الحقيقة الوحيدة التى لم تتغير فى هذا اليوم..
كان (ابو باشا) مُحبطا نوعا ما لأنه كان يتمنى أن نبدأ اليوم مبكرا حتى نستمتع بكل المناظر الخلابة الموجودة فى هذه المنطقة.. ولكن كان يوجد من هو أكثر احباطا منه ... إنه (سامح) الذى توعد كثيرا ل(ابو باشا) إنه لن يرجع إلى بيته سالما أبدا.. وخصوصا عند طلوعنا الجبل قرر أن يقطع علاقته (بشحاتة) نهائيا بعد هذا اليوم.. وقال لأبو باشا: (ده انا لو بجرى على أكل عيشى مش هعمل كده.. إلهى ما تورد على جنة ولا على جنينة الحيوانات حتى)
حاولنا نقنعه إن هذه الرحلة أهون كثيرا من رحلة وادى دجلة ولكننا فشلنا فى إقناعه.. وصمم على مقاطعة (شحاتة) نهائيا بعد رجوعه إلى منزله سالما..
وبعد حوالى ساعة إلا ربع من تسلق الجبل ونزوله والتقاط بعض الصور قررنا الذهاب إلى الشلالات.. برغم أن (ابو باشا) لم يكن مُرحبا بهذه الفكرة نهائيا وأكد لنا إنها تضيع للوقت.. ولكننا لم يكن عندنا اختيارات أخرى بعد أن وصلت الساعة إلى الرابعة مساءا.. وخصوصا أن (ايناس) كانت تريد وبشدة أن تذهب إلى الشلالات وهى من شجعتنا على ذلك.. وقد أخرنا ذهابنا إلى الشلالات حتى تصل هى إلينا.. وأخيرا وصلوا القرية (احمد صلاح ومى) و(احمد على وايناس) و (احمد عادل ويمنى) الساعة الرابعة ظهرا.. وبعد أن كان من المفترض أن يأتى معنا (على وايناس) من الصباح الباكر وأن يلحق بنا (صلاح) ظهرا.. اكتشفنا ان (صلاح) هو الذى كان ينتظر (على) فى ميدان الرماية حتى يأتوا سويا.. وانتظرت (يمنى) (إيناس) من الساعة التاسعة والنصف حتى الساعة الواحدة والنصف.. وبعد أن رفض (احمد عادل) المجىء مع (يمنى) لأنه كان لديه اختبار يوم الأحد ... أنهى مذكرته وجاء معها..
فطبلنا منهم أن يلحقوا بنا فى الشلالات حتى نراها سريعا ثم نذهب إلى القرية للغذاء.. فوجئنا إنهم رفضوا المجىء وقرروا ان يركبوا الخيل لبعض الوقت حتى نذهب إليهم ونأكل سويا..
وكانت مفاجآت هذا اليوم كثيرة أكثر من الرحلة فى حد ذاتها.. فصممنا أن نستكمل الطريق إلى الشلالات ضاربين بكلام (ابو باشا) عرض الحائط ويا ليتنا ما فعلنا.. فالطريق إلى الشلالات كان طويلا ... بالإضافة إلى أن الشوارع غير مجهزة إلا لتحطيم السيارات.. وبعد حوالى نصف ساعة من (مراجيح مولد النبى) وصلنا إلى المكان المنشود.. وكنت قد شعرت بالغثيان وصداع من كثرة اهتزازاتنا فى السيارة.. وحتى لحظة نزولنا من السيارة لم أجد أى مياه توحى بوجود شلالات من أى نوع فى المكان.. ولكن فجأة هتفت (أميرة): (سامعين صوت المية!!! الصوت قوى أوى).. فسرنا وراء الصوت لعل وعسى أن نجد ما يُعوضنا عن تعبنا فى الوصول.. ولكن للأسف لم نجد غير شلال صغير سئ الرائحة.. وشعرنا جميعا بالإحباط ولم ننس أن (نقطم) ابو باشا بكلامنا الذى شبع منه طوال الرحلة ولكنه دائما صاحب روح رياضية..
ثم اتجهنا مرة أخرى إلى السيارات نحلم بالأكل بعد أن سيطر علينا الجوع.. خائفين أن يكون بقية الأصدقاء اللذين جاءوا متأخرين إلى القرية قد لعبوا الدنيئة وبدأوا فى الأكل بدوننا..
وعندما وصلنا إلى قرية (زاد المسافر) وجدناهم يستعدون لركوب الخيل للسير حول البحيرة لبعض الوقت.. وانتظرناهم حوالى نصف ساعة ثم بدأنا فى الأكل على أمل أن يلحقوا بنا قبل الانتهاء.. وعندما وصلوا عاتبنا (أحمد عادل) قائلا: (إيه الخيانة دى كمان بدأتوا أكل من غيرنا؟؟ ما احنا كنا ممكن ناكل قبل انتم ما تيجوا).. ولكن لم يجبه أحد فالكل كان مشغولا فى الأكل الذى أمامه..
وأخيرا تجمعنا جميعا فى نهاية الرحلة على الأكل وكانت الساعة حوالى السادسة مساءا.. وبعد الانتهاء من الأكل بدأنا فى عتاب من تأخروا علينا.. فقال (ابو باشا) (لإيناس): ((إذا كنتى جيتى كتب كتابك متأخرة ساعتين.. يبقى هتيجى الفيوم فى ميعادك!!).. فقلت لها غير مُصدقة: ((ساعتين؟)).. فقال (احمد على): ((كان معادنا 9 بليل روحنا 11 بس فى ناس كتير اوى مشيت خصوصا البنات مش عارف ليه)).. قلت لإيناس: ((كنتوا بتعملوا ايه كل ده؟؟)) فأجابت إيناس فى هدوء: ((كنت قاعدة عند الكوافير بقرأ ميكى مستنية أحمد يجى.. واحمد كان بيحلق))
كانت إجاباتهم منطقية بحق لدرجة إننا اكتفينا بها.. وقررنا بعد ذلك أن نقول لهم الميعاد قبلها بساعتين..
وأيضا التقطنا بعض الصور الجماعية التى دائما ما تكون أحلى ما فى أى رحلة لأنها هى التى تبقى كذكرى جميلة بالمكان والناس الموجودة فيه.. وضحكنا كثيرا عند التقاط هذه الصور.. لأن (احمد عادل وشحاتة) كانوا يقومون بضبط أربع كاميرات على أن يقوموا بالتصوير تلقائيا.. وكانوا دائما ما يفشلون فى دخول الكادر قبل التقاط الكاميرا للصورة.. وكان علينا أن ( نتسمر ) فى أماكننا حتى يقوموا بالضبط مجددا..
وأخيرا طلبنا أن نقسم حساب الأكل والبنزين على الجميع.. كان (ابو باشا) أول من رفض فعل ذلك وقال إنه دفع ثمن الدجاج. وأيضا رفضت (ولاء) أن ندفع لها ثمن بنزين سيارتها قائلة: ( انا مش هاخد تمن البنزين.. بس ممكن اخد تمن الكاوتش والعفشة).. فبالتالى رفضنا جميعا أن نقول كم دفعنا فى مصاريف الأكل واكتفينا بتقسيم ثمن الشاليه..
وبدأنا رحلة الرجوع فى الساعة السابعة والنصف مساءا.. ورجعنا جميع سالمين إلى بيوتنا مُنهكى القوى ولكن كنا نحمد الله إن الرحلة لم تكن بنفس شقاء (وادى دجلة) فلا أحد فينا تبقت لديه بقايا صحة ليمشى 12 كيلو كما فعلنا منذ خمس سنوات..
إلى اللقاء
فى مغامرات أى تى أئية جديدة
رحاب المليـــحى