هو كان يوم باين من أوله.. وصلت بنتى روشان (5 سنين) المدرسة ومسافة ما أخدت الباص وروحت.. اتصلوا بيا يقولولى انها بتشتكى من الصداع وعايزينى اروح اشوفها.. حاولت افهمهم إنها كويسة ومفيهاش حاجة بس رفضوا يسمعوا.. وزى الشاطرة ركبت الباص تانى وروحت المدرسة.. وعفاريت الدنيا بتتنطط فى وشى علشان عارفة انها بتستعبط لإنها الصبح ماكنتش عايزة تروح المدرسة وانا رفضت طبعا انها تقعد فى البيت..
روحت لقيتها قاعدة فى (الاستقبال).. قلت لها فى ايه؟ ماردتش عليا.. طلبت منها بتحفز انها تروح فصلها، قعدت تعيط.. جالها اتنين من المدرسات يطيبوا خاطرها وهى طبعا جاتلها على التبطاب.. وبما انها ممثلة قديرة.. انهالت دموع التماسيح بحور فى ثانية.. وهما قاعدين يهدوا فيها.. سألونى ايه الخبطة اللى فى وشها قلت لهم انها اتخبطت امبارح فى الكرسى وهى بتلعب مع أختها.. وأنا كنت فى المطبخ ماشفتش اللى حصل.. واحدة فيهم قالت لى طيب وديها المستشفى، ممكن تكون امبارح ماحستش فعلا بوجع لكن النهاردة تعبت متعرفيش ممكن تكون حاسة بإيه، خصوصا انه باين شوية فى جبينها مطرح الخبطة..
اخدتها ومشيت، أول ما خرجنا من المدرسة بصيت فى عينيها شفت لمعان غريب وابتسامة خبيثة لواحدة قدرت تتقن دورها كويس وتعمل اللى فى دماغها.. اللى هو "ما انا قلت لك من الصبح مش عايزة اروح المدرسة، ما كان من الأول.. لازم اعملك فيلم هندى يعنى"!
روحت البيت اقعدت تلعب مع أختها عادى جدا ولا كأنها عملت حاجة.. قلت لها انها بكرة هتروح المدرسة وعلى الله تعمل الحركات دى تانى.. علشان أنا فاهمة دماغها وعارفة انها ممكن كل شوية تسوء فيها وتعمل لهم الشويتين بتوعها وهما طبعا دايما مع الأطفال.
على آخر اليوم لقيت واحدة بتتصل زى مشرفة إجتماعية.. بتقول لبابها إن المدرسة اتصلت بيهم علشان روشان تعبت فى المدرسة ومخبوطة فى راسها وهما لازم يحققوا فى الموضوع ويعرفوا إذا كانت فعلا هى اللى خبطت نفسها ولا حد خبطها..
أنا سمعت كدة كنت على أخرى طبعا.. دايما بسمع عن المواقف دى وإن الأطفال بيعملوا مشاكل لأهاليهم ولكن عمرى ما جربت أعيش التجربة دى..
جت المشرفة فعلا.. هى سيدة لطيفة هادية وراكزة ومعاملتها حلوة.. قالت لى إن البنت قالت فى المدرسة إنى ضربتها بالكرسى وهى محتاجة تقعد تتكلم معاها على انفراد.. قلت لها إن لغتها الأولى عربى فممكن متستوعبش قوى اللى هى هتقوله..
قعدوا مع بعض حوالى نص ساعة.. وأنا واقفة جوه وسامعة نوعا ما اللى بيتقال.. روشان قالت لها كذا قصة وسبحان الله فجأة بقت برابنت فى الإنجليزى.. وكل شوية الست تعيد عليها الأسئلة تانى علشان تتأكد إن روشان فاهمها.. وتسألها ده لون إيه وأنا لابسة نضارة ولا لأ.. أسئلة بسيطة علشان تشوفها مستوعبة اللغة وفاهمة الكلام صح ولا لأ.. والأهم طبعا إنها تكون مستوعبة الكلام اللى طالع منها كطفلة إنه مش أى كلام وخلاص..
بعد ما خلصت معاها طلبت إنها تقعد معاية على انفراد.. قالت لى ان روشان قالت لها كذا حكاية.. واحدة انها اتخبطت فى الكرسى.. التانية إن أنا خبطها بالبلوفر وده اللى خلاها تقع على الأرض وتتخبط.. التالتة انها وقفت على الكرسى واتخبطت فى الرف.. الرابعة انها وهى نايمة أنا دخلت ضربتها بالكرسى..
طبعا أنا فتحت بقى مش مصدقة آخر قصة دى.. قالت لى أنا عارفة إن دى أكيد من خيالها.. وطلبت منى اشرح لها اللى حصل بالظبط
قلت لها اللى حصل انها امبارح اتخبطت فى الكرسى.. والنهاردة الصبح ماكنتش عايزة تروح المدرسة وأنا طبعا رفضت إنها تقعد فى البيت.. وعلشان منتأخرش على المدرسة حدفتها بالبلوفر بتاعها علشان تلبس بسرعة ونلحق نروح المدرسة علشان لما بتتأخر دقيقة بياخدوا اسمها..
قالت لى يعنى انتى ماعملتيش كدة عن غضب؟ قلت لها لأ خالص، ده بس علشان نلحق ميعاد المدرسة.. طبعا هى عاملاه تجمع كل الكلام مع بعض فى دماغها.. وتكتب وتركز فى كل اللى اتقال من روشان ومنى.. وتربط الكلام مع بعض، شغلتها بقى..
قالت لى اعتقد انك لما رمتيها بالبلوفر فى وشها ده خلاها تتضايق قوى وكان سبب إنها تربط الأحداث كلها ببعض وتصمم انك ضربتيها.. أما عن موضوع انها وهى نايمة انتى ضربتيها بالكرسى.. يمكن بليل بعد ما اتخبطت حلمت بكدة وده علق معاها فى ذاكرتها.. ما احنا برضه منعرفش هما بيفكروا ازاى..
وسألتنى أنا ليه ماودتهاش المستشفى زى ما المدرسة طلبت منى.. قلت لها علشان حسيت ان الموضوع مايستاهلش وانها بتمثل خصوصا لما رجعت البيت ولقيتها بتلعب مع أختها عادى جدا ولا كأن فى حاجة تعبها.. قالت لى أصل المدرسة اتصلت بالمستشفى وعرفوا انك ماروحتيش.. قلت لها ما أنا كنت هاقولهم بكرة انى ماروحتش مش هكدب عليهم
بعدها طلبت تقعد مع أبوها على انفراد.. وسألته إذا كان عنده فكرة باللى حصل سواء امبارح أو فى المدرسة النهاردة.. فقالها لأ ماكنتش اعرف وبعدين روشان العادى بتاعها انها بتألف حكايات لا اساس لها من الصحة وأى حاجة عندها فى الماضى تقولك امبارح حتى لو كانت حصلت السنة اللى فاتت..
سألته عن طريقة معاملتى للبنات وازاى بعبر عن غضبى معاهم.. قال لها إنى ساعات بزعق فيهم لكن مش بضرب حد فيهم علشان عارفين ان الضرب فى لندن ممنوع.. قالت له حتى الزعيق بلاش منه حاولوا العقاب انها تدخل تقعد لوحدها فى أوضتها لكن من غير لا زعيق ولا ضرب..
وطلبت بعض نمر التليفونات للدكتورة المسئولة عنا والدكتورة المسئولة عن البنات وحتى تليفون حضانة أختها ومكان شغل أبوهم.. علشان تكمل التحقيق وهاتكلم المدرسة تانى تقولهم على اللى حصل مع روشان ومعانا.. ولو شكوا فى حاجة هيضطروا يلجأوا للبوليس.. لو لأ هايبعتولنا تقرير رسمى باللى حصل وخلاص
تجربة جديدة من نوعها عليا.. يمكن أنا دايما بسمع عن الحاجات دى وكنت باخدها دايما بتهريج.. يمكن كتبت عن العنف مع الأبناء قبل كدة ومشاعر الأباء بخصوص المواضيع دى.. لكن أول مرة أحس مشاعرهم ومواجعهم..
يمكن كان قلبى حاسس إن روشان هتعملها فى مرة معاية وتجبلى البوليس لكن عمرى ما تخيلت ان احساسى هيتحقق واتحط على بداية الطريق.. وحتى لو الموضوع إن شاء الله عدى على خير أكيد هيحطوا عينهم علينا فترة..
مش عارفة أقول إيه.. بس أنا فعلا حاسة من جوايا إنى فجأة وبدون تفاهم وبدون مقدمات وبكل عنف اتكسرت ومن مين من ابنتى.
رحاب المليحي
10-02-03