من ساعة ما اتولدت وانا منطوى وف
عُزلة تامة..
وده يرجع ان اهلى كانوا كثيرى التنقل من بلد للتانية.. ف ماكنش لينا
أصحاب، حتى أقاريبى ماكنتش اعرف عنهم حاجة..
وكمان عشان انا كنت الولد الوحيد ع
بنات..
ف كانوا شايفين ان عزلى عن المجتمع ده أحسن حل انهم يربونى كويس
لما وصلت ثانوى كان نفسى ادخل
هندسة.. ولكن للاسف دخلت طب بناءا ع طلب اهلى.. برغم انى ماكنتش بحبها ولا مقتنع
بيها..
بس كل الناس اللى قابلتهم كلمونى عن مميزات طب ومستقبلها.. لكن محدش ابدا كلمنى عن عيوبها.. وده اللى
اكتشفته بعد دخولى.. كنت بصبر نفسى انى ممكن احب الكلية بعد دخولها، بنفس مبدأ
(الحب بيجي بعد الجواز).. بس برضه ماحبتهاش
دخلت طب ف الصعيد واخدت سكن مع
زمايل ليا ف الكلية
سنة أولى عدت بحلوها ومُرها وبرغم
انى ماكنتش بذاكر كويس.. إلا انى جيبت (جيد)..
واللى عرفته بعدها انها عشان كانت
سنة الثورة.. ف الدكاترة نجحوا كل الناس.. حتى اللى كان سايب الورقة فاضية جاب
(مقبول)
ومن سنة أولى كلية وانا قررت
مابقاش انطوائى.. واعمل صدقات، وكمان بدأت اتعرف ع أقاريبى اللى ماكنتش اعرف عنهم
حاجة
وبفضل التميمة اللى حطيتها قبل
اسمى ع اكونت الفيس بوك (د.) قدرت اكسب ثقة ناس كتير واتعرف عليهم
بس أنا ماكنتش عايز بس صداقات
عابرة أو سطحية ف حياتى.. أنا كان نفسى ف أنتيم يفهمنى ويحس بيا ويشاركنى ف جميع
حالاتى
كمان كان نفسى ف بنت أحبها
وتبادلنى نفس الشعور وتبقى هى كمان أنتيمى.. وكان نفسى ف بنت بعينها.. كنت بحبها
من وانا ف اعدادى، كانت جارتى..
لكن عمرى ما فكرت ايامها أبوح لها بحبى ليها
لحد ما بالصدفة البحتة حد فتن لها
بحبى ليها.. وده اللى شجعنى وقتها انى اتكلم وأقرب منها.. بس اكتشفت ان ظروفنا
وتربيتنا مختلفة وده اللى منعنا اننا نكمل مع بعض كأصدقاء عاديين حتى، ونهيت
الموضوع
من المشاكل اللى حصلت لى وقتها،
انى كنت بتدرب ف مستشفى.. ف كان فيه بنت معاية اتكونت بينا صداقة.. وجت اعترفت لى
ف يوم انها بتحبنى وماتقدرش تعيش من غيرى..
ف أنا أعتذرت لها وقلت لها انى بحب
واحدة تانية ومخلص لها.. راحت البنت مهزقانى وقطعت علاقتها بيا
بعدها بأسبوع لاقيتها جاية تعتذر
لى وطلبت منى اننا نكون أصدقاء.. وانا وفقت لإنى كنت فعلا بعتبرها زى أختى مش أكتر
بعدها بيومين اختفت وابعت لها
ماتردش.. وبعد شهر لاقيت نمرتها بتتصل ع تليفونى..
برد لاقيتها مامتها وبتقولى:
انت اللى قتلت بنتى.. أنا ارتبكت جدا وماكنتش فاهم حاجة ومعرفتش ارد
بعدها لاقيت اختها بتكلمنى من نفس
النمرة بتقولى: اختي كانت بتحبك جدا، وكانت بتمر بظروف
صعبة جدا وانت اتخليت عنها , وعشان كده هي انتحرت ,
انت السبب في موتها , لأنك موقفتش جنبها.. وسمعت كل كلامها
وشتيمتها ليا.. وف الاخر ختمت المكالمة بــ (اتفو)
بعدها عيشت أسوأ أيام حياتى..
ومجرد التفكير ف انى السبب ف موت انسانه كان بيخلينى أبكى.. كنت عايزها ترجع بأى
طريقة
لدرجة انى عملت لها أكونت بإسمها
ع الفيس بوك..
وبقيت ادخل ابعت لها من الاكونت بتاعى وبعدين ادخل اتقمص شخصيتها وارد
ع نفسى من الاكونت بتاعها
كنت متقمص شخصيتين ولد وبنت..
وكنت حاسس فعلا انى مريض وقتها.. ومحتاج اتعالج ف مصحة نفسية
ف الوقت ده اتعرفت ع واحدة من
قريبى هى كانت اكبر منى سناً.. بس العلاقة بينا توطدت جدا.. حكيت لها ع كل حاجة ف
حياتى، ماعدا موضوع البنت اللى ماتت دى
كانت أقرب من أى شخص ليا من
أسرتى.. اتعلقت بيها جدا وهى كمان
غلطة عمرى بقى انى ضيفتها ع
الاكونت بتاع البنت اللى انا عامله.. ضمتها إلى قائمة أصدقاء البنت اللى مش عايشة
غير ع الفيس بوك بس.. وكلمتها منه ع انى البنت وبقوا أصدقاء
أيوة انا عارف انى كان عندى
انفصام ف الشخصية.. عايش بجسدين ف جسد.. ولو حد هيتريق عليا، يتخيل نفسه مكانى انه
يكون سبب ف موت انسانة بريئة
وبعد فترة من وجود قريبتى ف حياتى
وتأثيرها الايجابى عليا.. قدرت أخرج من الحالة اللى كنت فيها.. وده شجعنى انى
أحكيلها ع الحكاية الوحيدة اللى ماكنتش تعرفها..
وبعت لها نفس الكلام من ع الاتنين
اكونت.. الاكونت بتاعى واكونت البنت الوهمى.. عشان تعرف ان الاتنين اكونت لنفس
الشخص..
اتصدمت من اعترافى وحصلت لها حالة
من الذهول.. وردت عليا رد عنيف جدا.. رد فعلها خلانى معرفتش أرد عليها ولا ادافع
عن نفسى.. وعذرى الوحيد قدام نفسى انى كنت مريض وقتها
وبعد ما كانت قريبتى السبب ف انى
أخف من الحالة اللى كنت فيا.. قطعت معاية خالص وسابتنى لوحدى ف النص الطريق.. رجعت
حالتى أسوأ من الاول.. بقيت شايف نفسى شيطان متخفى ف صورة انسان
وقف بيا الزمن وقتها.. قفلت اكونت
البنت الوهمى نهائى.. كنت وقتها ف سنة تانية كلية.. لا بقيت بذاكر ولا بعمل اى
حاجة.. غير انى انام وانام وانام.. كانت أمنيتى وقتها انى أموت وانا نايم.. لولا
خوفى من ربنا كان زمانى انتحرت
زمايلى ف السكن ماكنوش عارفين
يتصرفوا معاية ازاى.. اتصلوا بوالدى قبل الامتحانات بأسبوع..
جالى ع طول الصعيد
قعد معاية حكيت له كل حاجة.. وقف جانبى كتير وهون عليا اكتر.. وشجعنى اتغلب ع الحالة
اللى انا فيها دى بالمذاكرة..
ولإنه أكتر حد بحبه ف الدنيا دى
كلها وعايز أرضيه.. عديت السنة بالعافية بس كنت شايل مادتين
بعدها ربنا بعت لى ناس ولاد حلال
كتير.. وقفوا جانبى وساعدونى الملم شتات روحى الغايبة.. وحسسونى انى انسان كويس
واستحق فرصة تانية ف الحياة وانى بشر وبغلط..
بعد ما كنت شايف نفسى شيطان وانى
لازم اموت عشان الناس تتقى شرورى
عدت السنة وبقيت ف تالتة.. بس كنت
حاسس ان فيه جزء مظلم ف حياتى.. كان الحل عشان اقدر اكمل حياتى طبيعى وانسى
الماضى.. انى ادخل نفسى ف حالة من البرود واللامبالاة.. بقيت انسان ابرد من الجليد
بس حطيت لنفسى هدف جديد.. انى
اساعد الناس وارسم الابتسامة ع وجوهم.. بقيت بدخل ف اعمال خيرية كتير.. بقيت بدى
تدريبات ومحاضرات ف اى حاجة حد محتاج لها
اتغيرت حياتى كتير عن الاول.. لكن
حالة البرود فضلت متمكنة منى
المفاجأة بقى العظيمة اللى لسه
مُكتشفها من شهرين بس.. ان البنت اللى كانت مسودالى حياتى كلها عشان كنت السبب ف
موتها..
طلعت عايشة وانها كانت عاملة
تمثيلية عليا انها ماتت.. وده غالبا عشان تنتقم منى انى رفضت حُبها وكنت بحب غيرها
يوم ما عرفت.. فضلت طول اليوم ما
بين بضحك بهيستريا ع المقلب الساقع اللى شربته.. ومابين بعيط بوجع ع نفسى اللى
خسرتها بسببها
ناس كتير نصحتنى انى اروح اواجهها
واكشف للناس قد ايه هى انسانة مخادعة وكذابة وممكن تعمل اى حاجة دون اى اعتبار
لمشاعر الناس..
بس انا رفضت انى اعمل كدة ولا حتى عايز اقابلها ولو صدفة.. هى
بالنسبة لى ماتت فعلا
الدرس الجديد اللى اتعلمته حط
مشاعرك ف تلاجة.. مابقاش ينفع البكاء ع حاجة
انا دلوقتى ف امتحانات سنة تالتة
طب.. وبرغم انى ماذكرتش كويس.. الا انى متفائل حتى لو مانجحتش ودخلت دور تانى
وبرغم الأحداث الكتيرة اللى حصلت
لى ف حياتى ف فترة تُعتبر قليلة إلا انى عندى أمل ان بكرة يبقى أحسن من النهاردة
ومش هبص لأى حاجة ورايا
أنا عرفت هدفى ف الحياة انى اساعد
الناس واكون سبب ولو بسيط ف ابتسامتهم.. هعزم نفسى ع طبق من السعادة ف وشوش
الناس.. هاسعد أهلى وهاسعد نفسى
ياريت تدعولى.. وتتفائلوا انتوا
كمان ف حياتكوا
تفاءلوا بالله خيرا.. ده ربنا
كبير قوى.. مهما كنا مليانين ذنوب وعيوب.. ربنا الغفور الرحيم
رحاب المليحي