اعتصر قلبى حزنا وألماً عندما رأيتها.. كانت ترتدى الحجاب وملابس المدرسة.. تبدو كأى فتاة مسلمة مُحتشمة فى لندن لا يوجد بها ما هو مُلفت للنظر.. إلا عندما رأيت صديقها يودعها بقبلة حارة على شفتيها.. نظرت إليها مرة أخرى لأتأكد من ارتدائها الحجاب لعل عيناى خدعتانى.. ولكن لم أجد مجالاً للشك.. فهى - من المفترض - فتاة مسلمة لم يتعد عمرها اثنا عشر عاماً للأسف.. وقتها شعرت بوجع يغزو قلبى.. لم يكن عليها فلتذهب هى للجحيم.. ولكن على الإسلام الذى تشوهه هى بحجابها الذى لا أرى له معنى .. فمثلها مثل أى فتاة لا تعرف دين الإسلام.. فهل هذا ما تعلمته فى بيتها ووسط عائلتها؟ّ! أم أن أبويها ليس لهما ذنب وربياها خير تربية.. ولكن المُغريات والبيئة التى نعيش فيها هى التى شكلت شخصيتها دون وعى منها؟؟ أم هى فى سن التجربة.. فالممنوع مرغوب دائماً وابداً؟! أسئلة كثيرة طرحت نفسها ولكن لم أجد لها جواب.. مجرد التفكير فى هذا الموضوع يجعلنى أرتجف غضبا وخوفا على بناتى.. فبالتأكيد سيأتى اليوم الذى سيرغبان فيه لفعل كل ما هو ممنوع..
وعندما أحاول أن أهدأ من روعى أفكر من جانب إيجابى نوعا ما.. بأن التربية والتوعية فى البلاد الأوروبية تكون أقوى منها فى البلاد العربية.. وهذا لسبب بسيط، أنه فى البلاد غير الإسلامية لا يوجد غير طريقين لا ثالث لهما.. فيجب على البيت تنشئة الأطفال مُدركين الفرق بين الحلال والحرام.. وأن ليس كل ما يرونه خارج نطاق المنزل والأصدقاء حلال أو صحيح.. وعلينا أن نعلمهم دينهم جيدا وأنه ليس كل ما يفعله الأجانب يروق لنا ولديننا.. أما فى البلاد المسلمة ولأن الأسلام هو السائد وليس العكس.. فأحيانا يهمل البيت الجانب الدينى.. لأنه من الطبيعى أن الطفل سيُربى فى محيط إسلامى.. فلا داعى للقلق..
بالطبع كلامى ليس قانون سارى.. أو أمر مُسلم به.. ففى أيامنا هذه لا توجد قوانين ثابثة لأى شئ..
والجنس هو من أخطر الأشياء التى تقلقنى هنا -فى لندن-.. فهو مُباح فى أى مكان أو على أقل تقدير هناك القبلات التى تجدها هنا وهناك دون أى خجل.. فالعادة تبدأ بقُبلة حارة وتنتهى بطفل بلا أب..
فتجد الsingle mothers وهن الأمهات اللاتى بلا أزواج.. أحياناً لا يتعدى عُمرالأم السادسة عشر عاماً ولديها طفل أو أثنان.. وللأسف هى أول من تأخذ حقوقها كاملة فى هذه البلد.. فالحكومة تعطيها الأولوية، مثل شقة مدفوعة الأجر ومبلغ شهرى ولها الكثير والكثير من المميزات الأخرى.. لأنها –يا حرام- بلا عائل أو عائد مادى..
لذلك أحاول غرس بعض الأشياء فى (روشان) حتى تتربى عليها منذ نعومة أظافرها.. فعلى سبيل المثال فى المركز الرياضى الذى تأخذ فيه دروس السباحة.. وفى غرفة خلع الملابس تحديداً لا وجود للحياء إطلاقاً.. فالكل يأخذ حمامه دون أن يغلق عليه الباب.. وحتى تغيير الملابس يكون أمام الجميع سواء فى غرفة الرجال أو السيدات.. فدائما أطلب من روشى أن تغُض بصرها ولا تنظر حتى للأطفال الصغار وهم يبدلون ملابسهم.. وأقوم بغلق الباب علينا حتى ترتدى جميع ملابسها.. ولكنى دائما اشعر بنظرة استغراب فى عينيها وكأنها تريد أن تسألنى لماذا هؤلاء يبدلون ملابسهم أمام بعضهم البعض دون أى خجل.. وانتِ دائما تقولين لى أن هذا خطأ أو عيب؟؟ ولكن لسانها يعجز عن طرح السؤال.. ٍ
وهذا مثال من آلاف الأمثال التى أؤهل نفسى لها مسبقا.. لأحاول جاهدة أن أفعل كل ما فى وسعى لأجعلها تتخطاها بإذن الله فى سلام مهما كانت صغيرة أو تافهة..
أدعو من الله أن يحفظ كل أولادنا وبناتنا.. ( ويستر عرضهُم دنيا وآخرة )
رحاب المليحى