كل مرة أبدأ فى كتابة هذا المقال بعد رجوعى إلى لندن.. ولكن لوجودى فترة طويلة فى القاهرة هذا العام فضلت أن اكتب المقال على اجزاء إذا وُجدت أحداث تستدعى تسجيلها..
كنت أُخطط للمجىء إلى القاهرة فى أوائل السنة ولكنى مررت بحالة من الزهق لأكثر من سبب.. فعجلت بسفرى أنا والبنات..
ولأول مرة أسافر على طيران غير (مصر للطيران).. وهى المرة الأولى والأخيرة ان شاء الله.. لأن الميزة الوحيدة فى (مصر للطيران) هى عدم دفع مصاريف إضافية للوزن الزائد.. لكن هذه المرة قرر (مصطفى) أن أغير الطيران وأسافر على
(BMI)
من ناحية لإنه خط طيران جديد نوعا ما ومن ناحية أخرى كانت التذكرة ارخص بتسع جنيهات استرلينى عن (مصر للطيران)..
وجاء يوم السفر 11-24 وكان يوما شاقا علي بكل المقاييس.. فعادة يذهب المُسافرون إلى المطار قبل ميعاد إقلاع الطائرة بحوالى ساعتين ونصف على الأقل.. خوفا من أى ظروف قد تحدث ليست فى الحُسبان.. ولكننا ذهبنا قبل ميعاد الاقلاع بحوالى ساعة ونصف فقط.. فأول صعوبة واجهتنا عدم استطاعتنا ركن السيارة.. لأن كل مواقف السيارات كان لها حد أقصى فى ارتفاع السيارة.. ولسوء حظنا سيارتنا كانت تفوق هذا الارتفاع.. وكنت كل ما نظرت فى الساعة أجد عقاربها تجرى لا تمشى فى رتابة كما تعودت منها دائما وكأنها تعند معى.. وفى النهاية ركنا السيارة فى موقف بمقابل مادى وركبنا سيارة مخصصة لتوصيل المسافرين من الموقف إلى بوابات المطار.. لم تستغرق التوصيلة غير دقيقتين من باب الموقف إلى باب المطار..
كنت دائما عند سفرى على (مصر للطيران) اجد طابورا طويلا عريض على ( الكاونتر ) .. ودائما ما تسمع مصريا يقول لآخر (انا مسافر بس على مصر الطيران علشان الوزن برغم انها سيئة جدا فى مواعيدها).. ولكن عند دخولى على كاونتر
(BMI)
كان تقريبا خاليا من الناس إلا العاملين به.. وقابلتنا المضيفة الأرضية بإبتسامة ووزنت لى الحقائب.. وقالت فى ثقة إن معى عشرة كيلو وزن زيادة فيجب عليا دفع سبعون جينها فى المقابل.. أو اقوم بفتح الحقائب وترتيبها مجددا وإخراج العشرة كيلو منها.. وتركتنا وذهبت لتستكمل عملها.. وكان باقى على اقلاع الطائرة حوالى ساعة واحدة فقط.. ( فيا الدفع يا بهدلة نفسى ) بإخراج محتويات الحقائب مجددا.. فتم الدفع الذى لم يستغرق غير دقائق معدودة..
وبعدها بدأت رحلة دخولى فى الإجراءات الأمنية لتأكدهم من عدم وجود أى متفجرات معنا.. ولكنهم شكوا فى (روشى) لأنها عند دخولها عبر جهاز الكشف عن المعادن اعلن الجهاز عن وجود ممنوعات معها.. فاضطروا لمرورى انا و(جومى) وتفتيش (روشى).. ولكن الحمدلله لم يتم العثور على أى شىء معها غير الحزام التى كانت ترتديه فيه قطعة صغيرة من المعدن فتم إخلاء سبيلها..
واخيرا وليس آخرا وصلنا إلى السوق الحرة وقبل ان أُمارس هوايتى فى الشراء.. قررت ان اتفقد مكان البوابة التى سأخرج منها إلى الطائرة.. وبعد توهان ليس بهين عرفت اين توجد بوابة الخروج.. وكان الوقت المتبقى لإقلاع الطائرة بعد كل هذه المغامرات حوالى نصف ساعة.. وكأى عاقل كان يجب عليا الإسراع إلى الطائرة.. ولأنى لست كذلك قررت أن أتفقد محلات المطار أولا.. وبعض شرائى لبعض الأشياء البسيطة.. وعند نظرى على الشاشة التى تُعلن عن الطائرات ومواعيد إقلاعها.. فوجئت إنه مكتوب إن باب الطائرة المتجة إلى القاهرة أُغلق وكان المتبقى بالظبط للإقلاع عشر دقائق فقط لا غير.. شعرت وقتها إن الدم تجمد فى عروقى وسيطرت علي فكرة إنى لن الحق بالطائرة.. وأيضا غير مضمون إن أجد مكان على الطائرة التى بعدها بحوالى خمس ساعات.. ولكن بفضل من الله فوجئت بإنهم سمحوا لى بالدخول إلى الطائرة دون أى عتاب على التأخير.. واغلقوا الباب بعد دخولى مباشرة..
***************
خلال أول شهر لي فى القاهرة لفتت نظرى بعض الأشياء.. منها الزحام الشديد الذى اصبح يسود القاهرة بشكل غريب.. وأعداد السيارات التى اصبحت تفوق اعداد البشر بكثير.. والمشوار الذى يستغرق نصف ساعة اصبح من العادى جدا إن يستغرق ساعة ونصف على الأقل..
وحتى تحاول الهروب من الزحام عليك أن تلعب (لعبة العربيات) فى الملاهى.. بمعنى إنك لا تمشى فى خط مستقيم ولكن كل ما وجدت ( خُرم إبرة فاضى ) تُحارب لتضع سيارتك فيه.. ولا تهتم بأى شىء آخر إلا الوصول لهدفك فى أقل وقت ممكن وفى النهاية لن يكون أقل من الساعة ونصف..
من المُلاحظ ايضا انتشار لجان الشرطة فى كل الشوارع وفى أى وقت.. وكل همهم إيجاد أى خطأ يستطيعون به إعطاءك مخالفة وطبعا الدفع فى الحال أو مصادرة الرخص..
وعن أرصفة الشوارع.. حاولت مرة جاهدة السير فوق الرصيف بكرسى جومى ولكنى فشلت فشلا ذريعا لعدم تمهيده للاستخدام الأدمى.. واضطريت للسير بالكرسى جنبا إلى جنب مع السيارات.. ( بمعنى إن لو كانت جومى مدت ظفرها فقط وليست ذرعها بالكامل كانت هتلمس السيارة ).. وبرغم أنى كنت اشعر بالضيق لإلتصاقى بالسيارات بهذا الشكل.. إلا إن الموضوع بالنسبة لحركة المرور كان طبيعيا جدا.. فلم يشكو أحد من سيرى فى سط الشارع ولم أمثل عائقا لأى سيارة فى المرور من جانبى.. لأن هذا شىء طبيعى ومتعارف عليه أن يترك المارة الرصيف ويسيرون فى الشارع مُصطحبين الأطفال لتمرينهم على كيفية السير وسط السيارات دون خوف أو مبالاة.. حتى يعتادوا على ذلك فى المستقبل ولا يشعروا بالضيق مثلى أو قلة الخبرة فى ممارسة هذه الهواية..
فتجد الناس فى الشارع لا يبالون من السيارات وكأن على السائق أن ينتظرهم ولا يضايقهم بألة التنبيه.. حتى إذا كان الشارع ضيق لدرجة إنه لا يتسع لاثنين معا.. ولكن مهما تفعل فلن يبالى الشخص أو حتى يكلف نفسه بالنظر إليك.. ولن يترك الشارع لسيارتك لتعبر هى الطريق..
أما عن الأعياد فى شوارع القاهرة.. ولأنى لم أقضى العيد فى القاهرة منذ حوالى اربع سنوات.. وجدت الزحام فى الشوارع أضعاف مُضعفة عنه فى الأيام العادية.. وكأن فجأة اكتشفت الناس إن العيد على الأبواب..
ذهبت إلى (البلد) أول أيام العيد مع والدى حتى ترى (جومى) خروف العيد.. ولأنى ايضا اعلم إن الله يغفر ذنوب من يرى دم الخروف وهو يسيل عند الذبح.. فكنت دائما أُحب حضور الذبح..
ولكن حتى الخروف شكله اختلف عن زمان.. أصبح أصغر بكثير حتى صوته انعدم وكأنه اعتاد واستسلم للأمر الواقع كل عام.. فعندما آتى به الجزار لذبحه لم يحاول الخروف الفرار منه وكأنه يعلم إنه لا مفر من الجرى.. وبرغم انى كنت اقف على مسافة قريبة جدا منه حاملة (جومى) لتشاهده إلا أنى كنت تقريبا لا اسمع له صوتا برغم إنه كان (بيمأمأ) حزينا على نهايته ولكن ليست بقوة صوت خرفان زمان..
وعند رجوعى من البلد وعلى طريق ( الأوتوستوراد ) كانت هناك حادثة كبيرة أدت إلى وفاة شخص كان ملقى على رصيف الكوبرى مُغطى بالكامل.. وكان هذا المنظر فى أول يوم العيد وفى أول النهار شىء مُقبض وحزين بالنسبة لى..
******************
وإلى حلقة جديدة، لكم تحياتى
رحاب المليـــــــــــحي
كنت أُخطط للمجىء إلى القاهرة فى أوائل السنة ولكنى مررت بحالة من الزهق لأكثر من سبب.. فعجلت بسفرى أنا والبنات..
ولأول مرة أسافر على طيران غير (مصر للطيران).. وهى المرة الأولى والأخيرة ان شاء الله.. لأن الميزة الوحيدة فى (مصر للطيران) هى عدم دفع مصاريف إضافية للوزن الزائد.. لكن هذه المرة قرر (مصطفى) أن أغير الطيران وأسافر على
(BMI)
من ناحية لإنه خط طيران جديد نوعا ما ومن ناحية أخرى كانت التذكرة ارخص بتسع جنيهات استرلينى عن (مصر للطيران)..
وجاء يوم السفر 11-24 وكان يوما شاقا علي بكل المقاييس.. فعادة يذهب المُسافرون إلى المطار قبل ميعاد إقلاع الطائرة بحوالى ساعتين ونصف على الأقل.. خوفا من أى ظروف قد تحدث ليست فى الحُسبان.. ولكننا ذهبنا قبل ميعاد الاقلاع بحوالى ساعة ونصف فقط.. فأول صعوبة واجهتنا عدم استطاعتنا ركن السيارة.. لأن كل مواقف السيارات كان لها حد أقصى فى ارتفاع السيارة.. ولسوء حظنا سيارتنا كانت تفوق هذا الارتفاع.. وكنت كل ما نظرت فى الساعة أجد عقاربها تجرى لا تمشى فى رتابة كما تعودت منها دائما وكأنها تعند معى.. وفى النهاية ركنا السيارة فى موقف بمقابل مادى وركبنا سيارة مخصصة لتوصيل المسافرين من الموقف إلى بوابات المطار.. لم تستغرق التوصيلة غير دقيقتين من باب الموقف إلى باب المطار..
كنت دائما عند سفرى على (مصر للطيران) اجد طابورا طويلا عريض على ( الكاونتر ) .. ودائما ما تسمع مصريا يقول لآخر (انا مسافر بس على مصر الطيران علشان الوزن برغم انها سيئة جدا فى مواعيدها).. ولكن عند دخولى على كاونتر
(BMI)
كان تقريبا خاليا من الناس إلا العاملين به.. وقابلتنا المضيفة الأرضية بإبتسامة ووزنت لى الحقائب.. وقالت فى ثقة إن معى عشرة كيلو وزن زيادة فيجب عليا دفع سبعون جينها فى المقابل.. أو اقوم بفتح الحقائب وترتيبها مجددا وإخراج العشرة كيلو منها.. وتركتنا وذهبت لتستكمل عملها.. وكان باقى على اقلاع الطائرة حوالى ساعة واحدة فقط.. ( فيا الدفع يا بهدلة نفسى ) بإخراج محتويات الحقائب مجددا.. فتم الدفع الذى لم يستغرق غير دقائق معدودة..
وبعدها بدأت رحلة دخولى فى الإجراءات الأمنية لتأكدهم من عدم وجود أى متفجرات معنا.. ولكنهم شكوا فى (روشى) لأنها عند دخولها عبر جهاز الكشف عن المعادن اعلن الجهاز عن وجود ممنوعات معها.. فاضطروا لمرورى انا و(جومى) وتفتيش (روشى).. ولكن الحمدلله لم يتم العثور على أى شىء معها غير الحزام التى كانت ترتديه فيه قطعة صغيرة من المعدن فتم إخلاء سبيلها..
واخيرا وليس آخرا وصلنا إلى السوق الحرة وقبل ان أُمارس هوايتى فى الشراء.. قررت ان اتفقد مكان البوابة التى سأخرج منها إلى الطائرة.. وبعد توهان ليس بهين عرفت اين توجد بوابة الخروج.. وكان الوقت المتبقى لإقلاع الطائرة بعد كل هذه المغامرات حوالى نصف ساعة.. وكأى عاقل كان يجب عليا الإسراع إلى الطائرة.. ولأنى لست كذلك قررت أن أتفقد محلات المطار أولا.. وبعض شرائى لبعض الأشياء البسيطة.. وعند نظرى على الشاشة التى تُعلن عن الطائرات ومواعيد إقلاعها.. فوجئت إنه مكتوب إن باب الطائرة المتجة إلى القاهرة أُغلق وكان المتبقى بالظبط للإقلاع عشر دقائق فقط لا غير.. شعرت وقتها إن الدم تجمد فى عروقى وسيطرت علي فكرة إنى لن الحق بالطائرة.. وأيضا غير مضمون إن أجد مكان على الطائرة التى بعدها بحوالى خمس ساعات.. ولكن بفضل من الله فوجئت بإنهم سمحوا لى بالدخول إلى الطائرة دون أى عتاب على التأخير.. واغلقوا الباب بعد دخولى مباشرة..
***************
خلال أول شهر لي فى القاهرة لفتت نظرى بعض الأشياء.. منها الزحام الشديد الذى اصبح يسود القاهرة بشكل غريب.. وأعداد السيارات التى اصبحت تفوق اعداد البشر بكثير.. والمشوار الذى يستغرق نصف ساعة اصبح من العادى جدا إن يستغرق ساعة ونصف على الأقل..
وحتى تحاول الهروب من الزحام عليك أن تلعب (لعبة العربيات) فى الملاهى.. بمعنى إنك لا تمشى فى خط مستقيم ولكن كل ما وجدت ( خُرم إبرة فاضى ) تُحارب لتضع سيارتك فيه.. ولا تهتم بأى شىء آخر إلا الوصول لهدفك فى أقل وقت ممكن وفى النهاية لن يكون أقل من الساعة ونصف..
من المُلاحظ ايضا انتشار لجان الشرطة فى كل الشوارع وفى أى وقت.. وكل همهم إيجاد أى خطأ يستطيعون به إعطاءك مخالفة وطبعا الدفع فى الحال أو مصادرة الرخص..
وعن أرصفة الشوارع.. حاولت مرة جاهدة السير فوق الرصيف بكرسى جومى ولكنى فشلت فشلا ذريعا لعدم تمهيده للاستخدام الأدمى.. واضطريت للسير بالكرسى جنبا إلى جنب مع السيارات.. ( بمعنى إن لو كانت جومى مدت ظفرها فقط وليست ذرعها بالكامل كانت هتلمس السيارة ).. وبرغم أنى كنت اشعر بالضيق لإلتصاقى بالسيارات بهذا الشكل.. إلا إن الموضوع بالنسبة لحركة المرور كان طبيعيا جدا.. فلم يشكو أحد من سيرى فى سط الشارع ولم أمثل عائقا لأى سيارة فى المرور من جانبى.. لأن هذا شىء طبيعى ومتعارف عليه أن يترك المارة الرصيف ويسيرون فى الشارع مُصطحبين الأطفال لتمرينهم على كيفية السير وسط السيارات دون خوف أو مبالاة.. حتى يعتادوا على ذلك فى المستقبل ولا يشعروا بالضيق مثلى أو قلة الخبرة فى ممارسة هذه الهواية..
فتجد الناس فى الشارع لا يبالون من السيارات وكأن على السائق أن ينتظرهم ولا يضايقهم بألة التنبيه.. حتى إذا كان الشارع ضيق لدرجة إنه لا يتسع لاثنين معا.. ولكن مهما تفعل فلن يبالى الشخص أو حتى يكلف نفسه بالنظر إليك.. ولن يترك الشارع لسيارتك لتعبر هى الطريق..
أما عن الأعياد فى شوارع القاهرة.. ولأنى لم أقضى العيد فى القاهرة منذ حوالى اربع سنوات.. وجدت الزحام فى الشوارع أضعاف مُضعفة عنه فى الأيام العادية.. وكأن فجأة اكتشفت الناس إن العيد على الأبواب..
ذهبت إلى (البلد) أول أيام العيد مع والدى حتى ترى (جومى) خروف العيد.. ولأنى ايضا اعلم إن الله يغفر ذنوب من يرى دم الخروف وهو يسيل عند الذبح.. فكنت دائما أُحب حضور الذبح..
ولكن حتى الخروف شكله اختلف عن زمان.. أصبح أصغر بكثير حتى صوته انعدم وكأنه اعتاد واستسلم للأمر الواقع كل عام.. فعندما آتى به الجزار لذبحه لم يحاول الخروف الفرار منه وكأنه يعلم إنه لا مفر من الجرى.. وبرغم انى كنت اقف على مسافة قريبة جدا منه حاملة (جومى) لتشاهده إلا أنى كنت تقريبا لا اسمع له صوتا برغم إنه كان (بيمأمأ) حزينا على نهايته ولكن ليست بقوة صوت خرفان زمان..
وعند رجوعى من البلد وعلى طريق ( الأوتوستوراد ) كانت هناك حادثة كبيرة أدت إلى وفاة شخص كان ملقى على رصيف الكوبرى مُغطى بالكامل.. وكان هذا المنظر فى أول يوم العيد وفى أول النهار شىء مُقبض وحزين بالنسبة لى..
******************
وإلى حلقة جديدة، لكم تحياتى
رحاب المليـــــــــــحي