من فترة كنت أشعر بمرارة وقلبى يعتصر ألماً لبعض الأحداث التى حدثت لى ولزوجى خصوصاً فى شهر رمضان.. والتى لا ادرى لماذا هذا الشهر بالذات!! وكنت دائما أُحدث نفسى وأتساءل لماذا يحدث لنا ذلك؟؟ لماذا لا نخرج من حفرة غير ونقع فى ماهو أسوأ؟ لماذا وصلنا لمرحله أننا لا نعرف -الألم- آتى من أي أتجاه؟ لماذا قبل أن نفوء من موضوع نجد غيره يلحق بنا قبل حتى أن نلتقط نفسنا؟
ولكنى فى النهاية لا أجد بين دموعى وتساؤلاتى غير أن أحمد الله الذى ليس لنا سواه.. فلشكوى لغيره سبحانة وتعالى مذلة..
حتى جاء الأمر الذى شعرت أنه طعنه فى قلبى الضعيف أو هكذا أعتقدت.. الكُل يعلم أنى لم أعمل منذ عامين أى منذ أن وطأت قدماى أرض لندن.. ومنذ أسابيع قليلة جاءتنى الفرصة الذهبية للعمل.. وليس ذلك كل شئ ولكن أيضا العمل فى المجال الذى أعشقه ولا أريد سواه وهو الصحافة..
كم كانت فرحتى بهذا العمل حتى من قبل أن أرى المكان أوالعاملين به..كم كانت فرحتى لدخول هذا المجال فجأة وبدون تخطيط منى.. فقد كانت -وسطة- من أحد الأمهات المُحببين إلى قلبى فى لندن..
لذلك ذهبت أول يوم للعمل دون أن أسأل عن الراتب أو عن حقوقى فى هذا المكان.. لأعتقادى وبنيه صافية أنى لا اريد أحد أن يقول علىّ مادية.. فتخيلت أنه من الأفضل أن يروا عملى أولاً.. ثم يأتى الكلام عن الماديات فيما بعد.. وهذا إن دل فأنه يدل على قلة خبرتى بمجال العمل والحقوق والواجبات وخصوصاً فى مثل هذه البلاد..
وبعد أول يوم عمل.. فكرت فى كيفية التصرف مع أبنتى للعمل طوال الأسبوع فى مقرالجريدة.. لأنى لا أُحبذ العمل من البيت.. ولكنى فوجئت بالأسعار المتغالى فيها فى الحضانات الخاصة.. فالحضانة يصل سعرها إلى سبعمائة جنيه أسترلينى أو أكثر فى الشهر.. وبحسبه بسيطة أجد أنى سوف أصرف على العمل والحضانة وليس العكس.. فشعرت بالأحباط الشديد.. وحزنت وقلت فى نفسى اليوم التى تأتى لى الفرصة على طبق من ذهب.. تقف روشى عائق لى ولا أستطيع التصرف فيها.. فأرسلت ميل إلى صاحب العمل أشرح له الأمر.. وأطلب منه أن يقول لى المُرتب الذى سأتقضاه لأحدد عليه مصاريفى.. مع الأعتذار أنى ليست مادية ولكنى أريد أن أخرج من حيرتى ولأُدبر أمورى لحماسى الشديد للعمل معهم..
وأُفاجأ بتجاهل صاحب العمل لى تماماً.. لدرجة أنى أتصل به فلا يرد على مُكالماتى.. لا أستطيع وصف شعورى لكم وقتها.. وكأنه جرح لن تقوى عليه الأيام.. -وصعبت عليا نفسى- ولم أدرى ماذا فعلت ليكون ذلك هو رد الفعل!! وبرغم أن الجميع حذرونى من العمل مع عرب والمصريين بالأخص فى بلاد الغُربة.. إلى أنى لم أتوقع للحظة أن هذا هو الأسلوب المُتبع.. فهل أنا مذنبة لأنى أُطالب بحقى؟؟ هل هى جريمة أنى أريد أن أضع النقط فوق الحروف حتى لا يهدر أحد منا حق الأخر؟؟ والمفاجأة أن بعد هذا التجاهل المُسىء لكرامتى وذاتى، اُفاجأ بنشرهم لمقالة لى سبق وقد رفضوها بحجة أنها قد تُفهم أن الجريدة تأخذ الطيار الدينى.. لأنها كانت عن وصف رمضان فى لندن.. وذلك لأنهم كانوا مازلوا فى بداية الطريق.. ولم تخرج الجريدة إلى النور بعد..
أعترف أنى تحسرت كثيرا.. ولكنى لا يشرفنى العمل مع ناس لا تتقى الله فى عملها ولا فى العاملين معها.. ولكنى أعترف ايضاً أنى بكيت بمرارة أعتقادا منى أنه حسد والنفس المريضة لا تريدنا أن نفرح.. وكأن (الكحكة فى يد اليتيم......) وتساءلت لماذا لا تريد الناس لنا الخير؟؟ لماذا عيناهم وأحقادهم تتبعنا فى كل خطواتنا!! وكأننا لا يجوز لنا أن نفرح مثلهم.. هل لأننا طيبين زيادة عن اللزوم؟؟ أو بلغة البعض أننا - ساذجين- لأننا لا نخفى أسرارنا عن أحدا!! أعتقاداً مننا أننا نريد الجميع أن يفرحوا لفرحنا!! هل لأننا نحب الخير للناس.. ونعتقد أنهم سيعاملونا كما نُعاملهم!! هل لأننا -عُبط- كما يقول البعض الأخرلأننا لا (نُدارى على شمعتنا .....)!! فهل أنتهت المعانى الحلوة من هذا الزمن؟؟ والكل يقول - يلا نفسى- وأصبح لا فرح بين الناس لبعضها البعض.. فالكل يريد السعادة والراحة لنفسهُ فقط ومن بعده الطوفان؟؟
تساؤلات كثيرة مرت بخاطرى هذا اليوم.. ولم أستطع غير البكاء على اللبن المسكوب..
ولكن بعد مدة ليست بكبيرة جاء موقف ليفوقنى ويقول لى أن ما حدث ليس نهاية العالم..وفى من هو أهم.. ففى يوم وقعت أبنتى من الدور الأول على سلم داخلى لمنزل أحد الصديقات حوالى ثلات أمتار لأسفل.. فجأة لم أجدها أمامى.. فجأة شعرت أننى فى كابوس أريد الأستيقاظ منه فى لمح البصر.. فجأة وبدون أن أشعر جريت عليها كالمجنونة لأرى ماذا أصابها.. نزلت على السلالم ودموعى تسبقنى.. نزلت وقلبى يدق دقات سريعة على وشك الخروج من مكانه وأحتضانها للأطمئنان عليها.. مرت ثوانى قبل أن أراها وكأنها ساعات.. أحتضنتها بيدى وبقلبى وكل جوارحى.. أحتضنتها بدموعى الساخنة التى كانت تنزل بغزارة أمام جميع الموجودين دون ان أمنع نفسى من إخفائها.. كانت أبنتى تبكى من الألم والمفاجأة.. وأنا أبكى عليها ويعلم الله كم كانت صدمتى التى تحمّلها قلبى بشجاعة ولكن بضعف فى نفس الوقت.. مع المراعاة أنى أحمل جنين فى الشهر الخامس ولا أستطيع تحمُل مثل هذه الصدمات..
جاءت الأسعاف فى أقل من دقيقتين لنذهب بها إلى المستشفى.. لم تُفارق أبنتى حُضنى حوالى ثلات ساعات من وقت الحادث حتى أنتهوا من كل الفُحوصات للأطمئنان عليها وعلى كل مكان بجسمها، أنه بفضل الله سليم.. بعد أن كانت نزفت الكثير من فمها وأنفها.. ولكن أحمد الله أنه قدر ولطف وحفظ البنت مما لا نعرف ولا نريد أن نعرف ماذا كان سيحدث.. فمن يرى الحادث لا يقول أنها سوف تخرج منهُ سليمة.. ولكن هذا فضل من الله ودعاء الوالدين الذى دائماً وأبداً حارسنا وحامينا..
قد يكون ذلك أبتلاء من الله.. وقد يكون تنبيه وعقاب صغير لي على أن الدنيا لن تقف أمام عمل قد ذهب من يدى من غير سبب.. قد يكون ليس خير لى.. والأكيد أن الرسالة قد وصلت وفهمت معناها جيداً: هو أن عُمر أبنتى ما ستقف عائق لى يوماً ما.. ولكنها هبه من الله.. قد أعطاها لي لأشكرهُ وأحمدهُ عليها دائماً.. فيوجد الكثيرمن هم محرومين من هدية الأبناء..
لا يسعنى غير أن أشكر الله على نعمهُ الكثيرة.. التى قد تكون أمام أعيُننا دائماً فلا نراها غير وهى على وشك الضياع.. والمؤمن دائماً مُصاب..
قد تعلمت الدرس وأدعو الله أن يحفظ أبنتى ويحفظنا سواء من الحسد أو من أى شر..
وأتمنى أن يكون هذا الدرس العملى مفيد لكم أنتم أيضا فى حياتكم.. فلنتعلم من أخطاء غيرنا حتى لا نصل إلى ما لا يُحمد عُقباه..
وكل عيد فطر وأنتم بصحة وسلامة
رحاب المليـــــــــحى