تقابل البعض منا فى ميعاده بالظبط.. ولكن تخلف الكثير وتأخروا عن الميعاد.. مما أدى إلى تأخرنا عن الوصول إلى بوابة المحميه حوالى ساعة.. وبعد تجمعنا جميعا كنا ما يقرب من 30 فرد و10 سيارات..
قبل الوصول إلى بوابة المحميه.. قابلتنا أول الصعاب.. وهى إن الطريق كان غير ممهد للسيارات.. فيجب على جميع السيارات أن تنتقل إلى الناحية الأخرى من الطريق حتى نستكمل مسيرتنا..
ولكــــــــــــــن!!!
حتى تنتقل كل سياره إلى الطريق الموازى فيجب أن تمر على حفرة ليست كبيره.. ولكنها مليئه بالمياه والطين.. ولذلك يجب على سائقى السيارات " أن يدوسوا بنزين ويحرقوا على الأول".. ليتخطوا هذه الحفره.. ومن لن يستطيع فعل ذلك كان "هيغرز" فى الرمال المليئه بالماء.. ومن يكون لسوء حظه سيارته "قريبه من الأرض".. يجب عليه ألا يبالى.. حتى يستطيع أن يعبر بسيارته فى أمان.. وأنا كنت من تعساء الحظ لإن سيارتى كانت "واطيه".. وكنت فى قمة خوفى من أن تغرز السيارة فى الرمل..
أو أن تأخذ دش مياه معتبر وهى تعبر الحفرة فلا تقوم مرة أخرى.. ولكن الحمدلله أستطاع " أحمد صلاح" أن يعبر بها بسلام.. وكانت بعدى سيارة " يمنى".. قالوا لها أن تعتبر نفسها فى "راى الفراعنه".. وتتوكل على الله وتحرق وتعبر.. وبالفعل قامت بالعبور بنجاح.. ويليها باقى السيارات..
وصلنا أمام بوابة المحميه حوالى الساعة العاشره والنصف.. ودهشت لرؤيتى لحارس المكان وهو يريد من كل واحد فينا أن يكتب أسمه ويريد أن يعرف عددنا بالظبط.. تساءلت لماذا كل هذا الأمن ولكنى لم أعطى للموضوع أهميه.. وقال لنا: " إن المسافه حوالى 14 كيلو"..
وقرر أحمد صلاح أن يذهب ليغير ملابسه بعد أن إتسخت فى عبور الراى.. وأيضا يأتى "بأحمد على" الذى منعه من المجئ فى الميعاد كثرة اللحوم والسلطات التى كانت معه..
ودخل مرافقا لنا بسيارته "أحمد عادل".. وقبل دخوله من البوابه سجل فى كاميرا الفيديو: "إن تصليح سيارته على حسابنا"..
دخلنا من البوابه الساعه 10.45 ص وبدأ المشـــــوار............!!!!
أول ما تقع عيناك على المكان تجد جبل على يمينك وجبل على يسارك وطريق فى المنتصف ليس له نهاية.. بدأ الناس فى المشى متحمسيين وكلهم نشاط وبجانبهم سيارة أحمد عادل.. وتخلف 7 أفراد منا عن المشى مع باقى الناس.. لأننا كنا نمشى ببطء نوعا ما.. على مبدأ "أيه" (أخت أحمد صلاح) التى كانت تقول: " إن من يمشى ببطء لن يتعب بسرعه.. ولكن هؤلاء اللذين يسرعوا الخطى ستنفذ طاقتهم سريعا.. ولن يستطيعوا استكمال المشوار..
وحكى لنا "باسل" صديق ( أحمد من الطفوله).. كيف ضحك عليه أحمد ليأتى به إلى هذا المكان قائلا: " أحمد قال لى إنها كلها 9 كيلو ليس إلا.. لأنه يعلم جيدا إنه إذا كان قال لى إنهم 12ك كنت سأرفض الذهاب معه".. فقلت له مندهشه:" من 9 ل 12ك الفرق ليس كبير.. وعلى العموم أصبحوا 14 ك".. فرد مبتسما: " لأن أحمد يعلم إنى لا امشى قط.. وإن كبيرى بحرك يدى للمسك بالريموت كنترول وفتح التلفزيون"..
أما "محمود" ( أخو علياء) كان نفسه يقتلها.. لأنها لم تقل له شيئا عن المشى أو عن تفاصيل الرحله.. حتى تأخده معها دون أن يعترض.. فقال لها وهو فى شدة التعب : " بس لما نروح يا علياء"..
وعندما أشتد بنا التعب والعطش.. نظر "محمود" أمامه بمسافه كبيره وقال :" مش ده أبو باشا"!! فرد عليه " باسل" فى حسرة وتعب: " لأ ده سراب".. وضحكنا جميعا من شدة تعبنا.. وفى خلال سيرنا كان يمر علينا الكثير من الأجانب فى سيارات "جيب" ينظروا إلينا مبتسميين.. ونحن ننظر إليهم فى حقد لجلوسهم فى سيارات مكيفه غير مهتمين بما نشعر به من إرهاق وجو شديد الحراره ..
وبعد حوالى ساعة أخرى.. وبعد أن قام أحمد عادل وأحمد صلاح بنقل الكثير من اللذين أنهاكهم التعب.. وصلنا بعد معاناه إلى خط النهايه.. وهو أن وجدنا الجبل أمامنا سدا ولا يوجد طريق.. نظرت حولى فلم أجد أى جديد عن ما رأيته فى أول كيلو.. فساءلت فى إستنكار خائفه من الرد: "هل هذا هو ما أتينا من أجل رؤيته؟ هل هذا هو المكان الذى يستدعى تعب مشى 3 ساعات فى الشمس الحارقه؟؟ فرد على "ابو باشا" فى هدوء: "نعم هذا هو المكان الذى سنقوم بالشوى فيه.. ولكن المنظر الذى جئتوا من أجله فهو فوق الجبل".. وشاور لنا على قمة الجبل الذى من المفروض أن نتسلقه.. فقال معظمنا فى حماس: "مادام وصلنا إلى هنا.. فيجب علينا أن نكمل المشوار حتى قمة الجبل".. قرر البعض وكان معظمهم من الشباب ألا يتسلقوا حتى يبدأوا فى الشوى.. " لأن الشوى لسه فيلم تانى"..
وكنت أمشى أنا و يمنى ومنى فى إتجاهنا للتسلق.. ولأن "منى" كانت تريد أن تلحق بمن سابقونا لتصعد معهم.. وما أن بدأت تجرى فوق الصخور لتسرع.. قلت لها: " صحتك حلوة".. وللأسف قبل أن أنتهى من كلامى.. كانت قد وقعت على الصخور.. وكان موقفى حرجا جدا.. لأن يمنى نظرت لى بإستنكار وقالت: " يا ما شاء الله.. دى انتى عينك ..... "
وبدأنا جميعا فى التسلق.. ومن أول طريق التسلق وقد تداركت الموقف.. إن الموضوع ليس بالسهوله التى كنت اتوقعها.. لأنى كنت لا أستطيع التقدم خطوة إلا بأن يمسك أحدا بيدى ( أنا وكاميرا الفيديو).. لأنى كنت خائفه على الكاميرا حتى لا يحدث لها مكروه.. وهذا ما اربكنى أكثر فى محاولتى للصعود.. وبعد أن وصلت إلى نصف المسافه أنا وآيه.. أكتفينا بهدا القدر وقررنا إنتظارهم فى هذا المكان.. لحين صعودهم ونزولهم مرة أخرى..
وبعد حوالى ربع ساعة بدأوا فى النزول.. ولكــــــــــن..!! حدث إن الجبل كان منحدرا للغايه.. فأنزلقت أرجل "نوران" (أخت بكينام) ولم تستطيع حفظ توازنها.. وبدأت فى النزول بخطى سريعه غير منتظمه.. ووقفت باكينام متسمره فى مكانها لا تستطيع فعل شئ والدموع تغمرها.. إلى أن ربنا ستر وأوقفت نوران صخرة صغيره كانت فى طريقها وهى تنزلق من فوق الجبل.. وأكملت الطريق على قدميها.. فى نفس الوقت التى كان قلب باكينام كان توقف من خوفه على اختها ولكنها حمدت الله وأستكملت النزول من الجبل.. دون أن تنطق بكلمة واحدة..
وبعد نزولنا سالميين من على قمة الجبل.. صرخت "أميرة" (معيدة ال Java) قائله: " ساقطين فى الإمتحان.. وكمان فى ال Corrective".. فردت يمنى ضاحكه: " أظن إن هذه الرحلة مؤامرة منهم لأنى لم أوافق على تأجيل الإمتحان غير يوما واحدا"..
وفور نزولنا كان الشباب بدأوا فى تقديم اللحمه لنا.. بعد ان أخذت وقت كبير فى الشواء.. لأن الفحم كان رطبا.. ولن أنسى أن أقول إن أحمد على "ست بيت شاطره".. هو من (تبل الفراخ) وعمل السلطات.. ليضفى على الرحله بعض من البهجة والشبع بعد هلاك المشوار..
وفى أثناء الأكل.. ولأن "أحمد وصفى" من الناس القلائل اللذين مشوا الثلاث ساعات كاملين دون ركوب السيارة.. جلس على صخرة مسترخيا.. وقام بخلع حذاءه وجواربه "ليهوى أرجله".. وعندما شاهدت يمنى هذا المنظر لم تصدق نفسها وقالت له ضاحكه: " سيادتك قاعد على البلاج".. وليؤكد أحمد عادل كلامها.. مشى أمام أحمد وصفى مناديا: " أيس كريم كلو كلو.. أيس كريم كلو كلو"..
وبعد أن أكل الجميع مستمتعين بالجو والصحبه وأيضا بوفرة الأكل.. بدأنا التفكير فى كيف ستحملنا أرجلنا إلى بوابة المحميه من جديد.. ومعنى ذلك إن سنمشى 3 ساعات أخرى.. ولكن الجديد إننا سنكون ليلا ولن نرى شيئا أثناء الرجوع.. بدأ كل واحد منا يسرح فى الأفاق ليفكر كيف سيرجع.. وهل سيلعب الدنيئه ويركب السياره غير مهتم بالأخرين.. أم سيكون عنده ذوق ويعرض على الجميع الركوب قبل أن يركب هو!!..
ولكن ما أن بدأوا فى وضع الأكل والشويات فى السيارات.. كنت أنا أول من لعب الدنيئه وحجزت مكانى فى سيارة أحمد عادل من شدة تعبى..
بدأنا مشـــــــــوار الرجوع حوالى الساعة الخامسه مساءا.. كان الجو بدأ فى التحسن والشمس بدأت تغيب.. وبدأ أحمد صلاح وأحمد عادل مشوارهم فى نقل الناس..
فى أول الأمر كان أحمد عادل خائفا على سيارته.. ولأنه أيضا كان يحمل فيها 6 أفراد.. وذلك بالطبع حمل على السيارة.. فكان إذا جاء منحدر أو بعض الحجر الكبير.. يطلب من الناس النزول حتى يعبر خوفا على السيارة من أن "تحك" فى الحجر.. ولأن الطريق غير ممهد وبه الكثير والكثير من الأحجار فكان يضطر لعمل ذلك كثيرا..
ولكن ما أن جاءت الساعة السادسه وبدأت الشمس تودعنا ونحن نستجديها أن تتأخر هذا اليوم بالأخص عن توديعنا.. أو لتترك لنا بصيص من النور حتى نرى الطريق أمامنا.. بدأ احمد عادل بألا يهتم بما يسمعه من أصوات فى السيارة وهى تحك فى الحجر من تحتها.. لأن كان لا يوجد وقت أن ينزل الناس حتى يعبر الحجر ثم يركبوا مره أخره.. قرر أن "يكبر دماغه" وبدأ فى السير بسرعه نوعا ما حتى يستطيع أن ينقل اكبر قدر ممكن من الناس فى وقت قصير.. ثم يدخل ليأتى ببقية الناس وهكذا..
لدرجة أن وصل الحال بأحمد صلاح أن يحمل فى سيارته 10 افراد.. 3 من خارج السياره والباقى فى الداخل.. حتى شعر إنه شم رائحة شيات.. فقرر أن ينزلهم ويذهب ليأتى بغيرهم..
وما أن اشارت الساعة إلى السابعة والنصف.. كنا جميعا قد وصلنا سالمين إلى بوابة المحمية..
حامدين الله على سلامتنا من هذه المغامرة.. ضاحكين غير مدركيين كيف عدى علينا هذا اليوم بكل مواقفه وطرائفه.. شاعرين إننا كنا داخل فيلم تائهين فى الصحراء منتظرين الطائرة التى ستنقذنا من ضياعنا.. غير مصدقين إننا كنا داخل القاهرة وليس فى شرم أو فى أى مكان أخر صحراوى..
فور وصولى إلى البوابة ورؤية نفس الحارس الذى أستقبلنا عند دخولنا وكان مصمما وقتها على معرفة عددنا .. وانا وقتها كنت مندهشه من موقفه.. عرفت الإجابه وهى: " إنه ببساطه الداخل مولود والخارج مفقود".. وحتى يتأكد إن الناس كلها خرجت من المكان قبل إغلاقه..
0 comments:
Post a Comment